اسم الکتاب : جامع الشتات المؤلف : الشيخ الخواجوئي الجزء : 1 صفحة : 93
الملازمة؛ إذ القضاء إنّما يجب بأمر جديد، و ليس بينه و بين وقوع التكليف و لا صحّته ربط عقليّ، فلا يستلزمه أحدهما. ثمّ من الدليل على أنّهم مكلّفون بالفروع: قوله سبحانه «مٰا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قٰالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ» صرّح بتعذيبهم بتركهم الصلاة، و لا يحمل على المسلمين؛ إذ «وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَ كُنّٰا نَخُوضُ مَعَ الْخٰائِضِينَ وَ كُنّٰا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ»[1] ينفيه. و قوله: «فَلٰا صَدَّقَ وَ لٰا صَلّٰى وَ لٰكِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلّٰى»[2] ذمّه على ترك الجميع و منه الصلاة، فيكون مذموماً بتركها. و قوله: «لٰا يَدْعُونَ مَعَ اللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ وَ لٰا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّٰهُ إِلّٰا بِالْحَقِّ وَ لٰا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثٰاماً يُضٰاعَفْ لَهُ الْعَذٰابُ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ»[3] حيث جعل العذاب المضاعف جزاءً لهم على الأفعال المذكورة و منها قتل النفس و الزنا. و قوله: «يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ»[4]«وَ أَنِ اعْبُدُونِي هٰذٰا صِرٰاطٌ مُسْتَقِيمٌ»[5] و نحوهما من الأوامر العامّة بالعبادات، فإنّ الكفّار مندرجون تحتها، فوجب عليهم هذه العبادات وجوبها على غيرهم، و تخصيص العبادة المأمور بها فيهما بالإيمان لصدقها عليه مع أنّه خلاف الأصل، و الظاهر ممّا لا مخصّص له سوى الاحتمال و هو لا يصلح للتخصيص. و إذ قد تقرّر هذا، فنقول: يمكن استفادة الحكم الأوّل و هو كون الكفّار مكلّفين بالفروع من توجّه صريح النهي في «فَلٰا يَقْرَبُوا» إليهم، فنهوا أن يقربوه، و هو تكليف لهم، إلّا أنّهم لمّا لم يكونوا قابلين للخطاب لبُعدهم عن ساحة عزّ الحضور خصّ المؤمنين به تنبيهاً علىٰ ذلك. فالمؤمنون يبلّغون ذلك النهي إليهم، و يقولون: أنتم أنجاس، و الأنجاس