اسم الکتاب : جامع الشتات المؤلف : الشيخ الخواجوئي الجزء : 1 صفحة : 59
قسريّة لا إراديّة كما زعمه الفلاسفة و شيعتهم، و إلى هذا أشار السيّد السند بقوله: فإنّها مسخّرة مدبّرة، و يؤيّده ظاهر قوله تعالى: «وَ سَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ دٰائِبَيْنِ»[1]. فإن قلتَ: إسناد الدؤوب و هو الجدّ و التعب إليهما يشعر بكونهما ذوي حياة و إدراك. قلتُ: هذا الإسناد و أمثاله كالنداء و الوصف بالطاعة و التردّد في المنازل و التصرّف في الفلك و ما شابه ذلك، كما وقع في قوله (عليه السلام): «أيّها الخلق المطيع الدائب السريع، المتردّد في منازل التقدير، المتصرّف في فلك التدبير» [2] إسناد مجازيّ، كما في قوله
فيا منزلي سلمى سلام عليكما * * * ثلاثة أثافي و الديار البلاقع
و في قول آخر
امتلأ الحوض و قال قطني * * * مهلًا رويداً قد ملأت بطني
و في قول آخر
و قالت له العينان سمعاً و طاعة * * * و صدرتا كالدرّ لمّا تثقّب
و في قوله تعالى «فَقٰالَ لَهٰا وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيٰا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قٰالَتٰا أَتَيْنٰا طٰائِعِينَ»[3] و كثيراً ما يقال: جوارحي تشهد بنعمك. و الأظهر أنّ الدؤوب هنا بمعنى الدوام، و به فسّر «دٰائِبَيْنِ» في مجمع البيان بقوله: دائبين في صلاح الخلق و النبات و منافعهم [4]، و في بعض حواشي الكفعمي: الدائب: الدائم و الواصب و السرمد و اللازم و اللابث نظائر. و مخالفة ما ذكرناه لقوانين الحكمة الفلسفية غير مضرّة؛ لأنّها نظريات لم تثبت ببرهان، فالقول بها وهميّ شعريّ لا يعارض ظواهر النصوص الجليّة الشرعيّة.