اسم الکتاب : ثوره الموطئين للمهدي في ضوء أحاديث أهل السنة المؤلف : الفتلاوي، مهدي حمد الجزء : 1 صفحة : 74
مني بمنزلة هارون من موسى، الاّ أنّه ليس بعدى نبي، إنه لا ينبغي أن أذهب الاّ و أنت خليفتي» [1] .
و لا يخفى ما في هذا الكلام البليغ من الادلة القاطعة، و البراهين الساطعة، على أن عليّا ولي عهده، و خليفته من بعده الاّ ترى كيف أنزله منه منزلة هارون من موسى، و لم يستثن من جميع المنازل الاّ النبوة، و استثناؤها دليل على العموم. لأنك كما تعلم ان اظهر المنازل التي كانت لهارون من موسى وزارته له و شد أزره به، و اشتراكه معه في امره، و خلافته عنه، و فرض طاعته على جميع امته بدليل قوله: وَ اِجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي `هََارُونَ أَخِي `اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي `وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي[2] ، و قوله: اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لاََ تَتَّبِعْ سَبِيلَ اَلْمُفْسِدِينَ[3] ، و قوله عز و جل: قََالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يََا مُوسىََ[4] .
فعليّ بحكم هذا النص خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم في قومه، و وزيره في أمته، و شريكه في امره-على سبيل الخلافة و الولاية عنه لا على سبيل النبوة- و له عليهم من فرض الطاعة بوزارته مثل الذي كان لهارون على امة موسى، و من سمع حديث المنزلة فانما يتبادر الى ذهنه هذه المنازل كلها، و لا يرتاب في ارادتها منه، و قد اوضح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم الأمر فجعله جليا بقوله: «انه لا ينبغي أن اذهب الاّ و انت خليفتي» ، و هذا نص صريح في كونه خليفته على امته بعده [5] .
[1] مسند الإمام احمد، ج 1، ص 230، مجمع الزوائد، ج 9، ص 119، الرياض النضرة، ج 2، ص 203، خصائص النسائي، ص 8، و اخرج البخاري حديث المنزلة في صحيحه في غزوة تبوك.