اسم الکتاب : ثوره الموطئين للمهدي في ضوء أحاديث أهل السنة المؤلف : الفتلاوي، مهدي حمد الجزء : 1 صفحة : 154
التي مرت بها الأمم السابقة، سواء في هداها و ضلالها، أم في انتصارتها و هزائمها، و ان تغير شكلها و طريقة ممارستها. و اذا نظرنا الى تجارب الأمم الماضية، نجد تجربة بني اسرائيل من اثرى التجارب الرسالية دروسا، و لهذا أهتم القرآن بالتركيز عليها أكثر من غيرها.
و طبقا للمبدأ الإلهي في اتباع سنن الماضين، لا بد أن تمر الأمة الإسلامية بمثل الفتن و التجارب السياسية و الاجتماعية و الفكرية نفسها التي واجهت بني اسرائيل، ابتداء من هارون محمد عليه السّلام المعتدى على حقه، المظلوم من أمته، و انتهاء بالمواقف الجبانة المتخاذلة عن تحرير فلسطين.
و اذا مرّت محنة هارون في بني اسرائيل كسحابة صيف لأن موسى عليه السّلام بمجرد أن رجع من ميقات ربه وضع لها حدا في أمته، و عاقب اللّه تعالى على يديه المتآمرين على أخيه و المعتدين على منصبه و خلافته من عبدة العجل و اتباع السامري، فانزل عليهم عقوبة الاقتتال، حتى قتل الأخ أخاه و الأب ابنه و الابن أباه فتاب اللّه عليهم [1] . فإن محنة هارون محمد عليه السّلام بقيت تشتعل لوعتها في صدره، و تتسع عليه مأساتها يوما بعد يوم في خلافته، و قد عانى منها ابناؤه و اتباعه من مناوئيه و اعدائه، من الظلم و التشريد و التقتيل و الاتهامات الباطلة، ما تهون أمامه جميع مأساة هارون و موسى عليه السّلام و اسباطه و اتباعهم.
و مأساة هارون محمد عليه السّلام ما زالت باقية مستمرة يشتعل لهيبها كل يوم في الأمة، ما دامت الاقلام المأجورة تكتب و العمائم المتاجرة بالدين تخطب، و ستبقى هكذا حتى يأتي اللّه بالفتح أو أمر من عنده، فيصبح اعداء أهل البيت عليهم السّلام على ما اسروا في انفسهم نادمين.