اسم الکتاب : ثوره الموطئين للمهدي في ضوء أحاديث أهل السنة المؤلف : الفتلاوي، مهدي حمد الجزء : 1 صفحة : 118
«الحكم» التي تعتبر من أهم قضايا الدولة و المجتمع في تطبيق مبادئ النظام الالهي.
لقد صور الوحي جميع هذه الإنحرافات التي ذكرها النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم في حديث انتهاك عرى الاسلام في آية واحدة جاءت على شكل مأساة و زفرات يبثها الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم و هو يشكو إلى ربه ناظرا بعين المستقبل إلى قومه و صحابته و هم ينتقضون عرى الاسلام عروة عروة و يهجرون شريعة القرآن حكما بعد حكم في قوله تعالى: وَ قََالَ اَلرَّسُولُ يََا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اِتَّخَذُوا هََذَا اَلْقُرْآنَ مَهْجُوراً[1] .
لقد أخطأ بعض المفسرين في تفسيرهم لمعنى «القوم» في هذه الاية بالمشركين من قريش في عصر النبوة، لان اولئك لم يتصلوا بالقرآن و لم يؤمنوا به فلا يصدق عليهم عنوان الهجر لمبادئه لان الهجر لغة لا يصح الا بعد الوصال و الاتصال!، و اي صلة لكفار قريش بالقرآن حتى يشكوهم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم لربه، فالشكوى النبوية في هذه الآية هي من المغيبات القرآنية التي تحكي قصة انتقاض عرى الاسلام و هجر احكام القرآن حكما بعد حكم في صورة انحراف المجتمع العربي-قوم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم-عن شريعته من بعده، و لهذا حينما كان يتلو قوله تعالى: إِذََا جََاءَ نَصْرُ اَللََّهِ وَ اَلْفَتْحُ `وَ رَأَيْتَ اَلنََّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اَللََّهِ أَفْوََاجاً[2] كان يقول: «ليخرجن منه أفواجا كما دخلوا فيه افواجا» [3] و كان يقول بقلب حزين: «يوشك الإسلام أن يدرس، فلا يبقى الاّ اسمه، و يدرس القرآن فلا يبقى الاّ رسمه» [4] .