للتحقيق و التفحّص، حتّى لو كان هناك من البيّاع و التجّار من هم يهود أو نصارى، إذن هل يصحّ لنا أن نقول بأنّ عبارة الإمام (عليه السلام): «نعم ليس عليكم المسألة» تفيد هذا المعنى؟ و إذا صحّ هذا فإنّ عبارة «إنّ الدين أوسع من ذلك» أيضاً تدخل في هذا المضمار، لأنّ سوق المسلمين أيضاً إذا لم نجعل له حجيّته و إمارته فسيوقع المكلّف في حرج و مشقّة. و بناءً على ما سبق، فحتّى لو حملنا الرواية على هذا المعنى الجديد، مع ذلك لا يمكن أن نوجد علاقة بين الرواية و بين قاعدة لا حرج و التي نحن بصددها الآن، لأنّ قاعدة لا حرج وظيفتها أن تقف في وجه الإطلاقات التي من شأنها أن تثبت حكماً في جميع الحالات حتّى في موارد الحرج و تنفي ذلك الحكم، فلسان قاعدة الحرج هو النفي و عدم الجعل و عدم ثبوت الحكم عند الحرج.
الرواية و ذكاة الحيوان
و هناك احتمال ثالث يمكن على ضوئه أن نعطي للرواية معنىً أفضل، و أن نستفيد منها قاعدة لا حرج أيضاً، و هو أنّ المكلّف هنا قد شكّ في أنّ هذا الجلد طاهر أو غير طاهر، و هذا الشكّ نجده عند الشيعة الإماميّة، أمّا أهل السنّة فهم يرون أنّه حتّى الحيوان غير المذكّى يطهر بالدباغة. فبناءً على الاحتمال الثالث فإنّ الرّواية لا تريد أن تتطرّق إلى السوق، و لا تريد أن تبيّن الحكمة من قاعدة الطهارة، و إنّما قد تريد أن تقول للمكلف: إنّك إذا شككت بأن جبّة الفراء هذه طاهرة أو غير طاهرة فبالتالي أنت شاكٌّ بين أن يكون هذا الحيوان مذكّى أو غير مذكّى، و الأصل هنا استصحاب عدم التذكية، و لا يمكن للمكلّف أن يترك استصحاب عدم التذكية إلّا إذا تحقّق بنفسه و تيقّن من أنّ