مع قوله: وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ، و بذلك تكون النتيجة: أنّ اللَّه عزّ و جلّ أسقط حكم الصيام في شهر رمضان على المريض و المسافر، فالعسر سبب في إسقاط وجوب الصوم، مع ما في الصوم من أهميّة و خطورة التي تعلم من خلال وجوب الكفّارة التي تترتّب على المكلّف إذا أفطر في شهر رمضان. و ما نحن بصدد إثباته الآن هو أصل قاعدة نفي الحرج. و بيان المعنى الإجمالي لهذه القاعدة من خلال الاستدلال بهذه الآيات الشريفة، في قبال من أنكر قاعدة نفي الحرج من الأساس، و أنكر وجودها كأصل فقهي و إسلامي.
هل أنّ العسر مختصّ بالصوم؟
في هذه الآية طرحت مسألة العسر، و من هنا لقائل أن يقول: لعلّ هذا المعنى يختصّ بالصوم فقط لخصوصيّات موجودة في الصوم، و لذا فإنّ قاعدة نفي الحرج لا تكون عامّة، و لا يمكن الاستفادة منها في إثبات المدّعى. و للردّ على هذه الشّبهة هناك نقول: بأنّ هذا التعبير جاء في مقام التعليل، و الألف و اللام في قوله تعالى: وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ تدلّ على العسر المترتّب إثر وجوب الصوم على المريض و المسافر، أي أنّ (ال) هنا العهدية، كما أنّه قد يفهم من ظاهر الآية أنّ الألف و اللام هي لبيان الجنس و الماهيّة، فقوله تعالى: وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ يعني طبيعة العسر، جنس العسر، و بذلك لا يوجد أي مبرّر للقول بأنّ الحكم يختص بالصوم لوحده، فإذا استلزم الصوم العسر يسقط. صحيح أنّ موضوع الآية هو الصوم، لكن لو كنّا نحن و الآية لأمكن استنباط شموليّة القاعدة المذكورة لجميع موارد العسر و الحرج. إذن مسألة العسر هي من العناوين المذكورة في الآيات و التي يرتفع بها التكليف عن عهدة المكلّف.