هنا يأتي التعليل، و هو: لأنّ اللَّه يريد أن يطهّرنا، و التراب أحد الطهورين و من ثمّ يقول تعالى: وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ، و بناءً على ذلك فإنّ هذه الآية الشّريفة يمكن أن تكون من الأدلّة على قاعدة نفي الحرج. و هنا لا بدّ من الإشارة إلى نقطة هامّة، و هي أنّ اللَّه سبحانه و تعالى عند ما يقرّر بأنّ المريض لا يجب عليه الوضوء، لأنّه لم يرد أن يجعل عليه من حرج، هنا المريض أحد موارد نفي الحرج، و لا خصوصيّة بحيث تجعل الحكم يختصّ به، فمسألة عدم وجوب الوضوء، و عدم وجوب حكم الغسل ليس فيها أيّة خصوصيّة معيّنة، و إنّما هي موارد و مصاديق للموضوع الأساسي، و ذلك لأنّ قوله تعالى: ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ جاء بمثابة التعليل، و كما تعلمون فإنّ المورد لا يكون مخصّصاً، فالتعليل معنى عامّ يصدق في هذه الموارد و في غيرها. و بذلك تصبح هذه الآية أحد الأدلّة القرآنية على قاعدة الحرج، خاصّة و أنّ كلمة الحرج قد وردت في الآية نصّاً.
التعليل و رجوعه إلى الطهارات الثلاث
أمّا على مستوى الاحتمال الآخر، و هو أنّ قوله تعالى: ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ له علاقة بالآية بكاملها، و ليس من باب نفي الحرج في خصوص التيمم الذي أشرنا إليه في الاحتمال السابق، أي أنّه مرتبط بالطهارات الثلاثة، هنا قد يطرح هذا التساؤل، و هو ما معنى قوله تعالى: ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ؟ هذا أوّلًا. و ثانياً: إذا أخذنا بهذا الاحتمال، فهل يبقى هناك مجال للحديث عن قاعدة (نفي الحرج) و الاستدلال عليها بالآية الشّريفة؟ إذن علينا أوّلًا أن نرى ما هو معنى الآية في ضوء هذا الاحتمال؟ لا شك أنّ