عرفنا وجداناً انّ الشارع لم يضع حقيقة شرعية للزوال و الغروب. و الثانية: أنه لو فسّر الشارع الفجر بالتبين لكان له وجه و لكنّه فعل في الآية بالعكس و فسّر التبين بالفجر و نحن نعلم انّ المعهود في الألفاظ التي فيها حقيقة شرعية كالصلاة مثلًا، تفسيرها بماهياتها الشرعية فتفسّر الصلاة بالأفعال و الأذكار و انّ أوّلها التكبير و آخرها التسليم و بعبارة أخرى اللفظ موضوع و تعريفه محمول كما في «الإنسان حيوان ناطق» و لا يعملون بالعكس «الحيوان الناطق إنسان» و في الآية بناء على ما ذكره الإمام الخميني (رحمه الله) الفجر جعل بياناً للتبيين و هذا بعكس المعهود. فما ذهب إليه الإمام الخميني (قدس سره) لا يمكن الالتزام به و الحال نطرح كلام الهمداني (رحمه الله).
كلام المحقّق الهمداني في المسألة
ذكر المحقق [1] الهمداني (رحمه الله) في كلامه نكتتان: احداهما انّ «من» في الآية بيان للخيط الأبيض لا النفس التبيّن و مع ذلك يجب تأخير الصلاة و الصوم حتّى يقهر نور الفجر على نور القمر لانّ المأخوذ في الآية تبيّن الخيط الأبيض «حَتَّى يَتَبَيَّنَ [لَكُمُ] الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ» و ظاهر العناوين المأخوذة في الأدلّة، الموضوعية فكما ذكرنا في قوله «الماء المتغير نجس» انّ ظهور التغير في التغير الفعلي
[1]. قال في كتاب الصلاة (في باب المواقيت) في التنبيه الثاني هكذا: مقتضى ظاهر الكتاب و السنة و كذا فتاوي الأصحاب، اعتبار اعتراض الفجر و تبيّنه في الافق بالفعل، فلا يكفي التقدير مع القمر لو أثّر في تأخّر تبيّن البياض المعترض في الافق، و لا يقاس ذلك بالغيم و نحوه فإنّ ضوء القمر مانع عن تحقق البياض، ما لم يقهره ضوء و الغيم مانع عن الرؤية، لا عن التحقق و قد تقدّم في مسألة التغير التقديري في مبحث المياه من كتاب الطهارة ماله نفع في المقام، (مصباح الفقيه، ج 2، ص 25).