فهل هذا داخل في الامتنان؟ ربّما يقال: إنّ هذا مخالف الامتنان، فنحن نستفيد من نفس كون قاعدة (لا حرج) واردة في مقام الامتنان أنّ الامتنان يرفع اللزوم فقط و اللّابديّة، و لا ترفع المصلحة عن الفعل، و لذا فنحن من خلال ضمِّ قاعدة (لا حرج) إلى دليل: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) نفهم وجود الملاك و المصلحة في الصوم الحرجي، رغم عدم وجوب التكليف.
تحقيق المسألة:
و لكنّ هل يحصل من هذا الكلام اطمئنان لدى الإنسان؟ علينا أن نرى هل إذا ضممنا هذين الدليلين، فهل يدلّ أحد الدليلين على وجوب الصوم، و هو (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) من دون أن تطرح مسألة الحرج و عيّن الحرج فيها، و يكون مقتضى إطلاقه ثبوت وجوب الصوم حتّى إن كان حرجيّاً؟ إذا لم تكن هناك قاعدة (لا حرج) لكنّا قد استفدنا هذا المعنى من (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) و لكن عند ما جعلنا إلى جانب آية الصوم هذه القاعدة، و إنّ (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) في مقام الإخبار، تخبر عن ما ذا و عن أي شيء؟ المخبريّة هي أنّ وجوب الصوم الحرجي لم يشرّع أصلًا و من أوّل الأمر، و لو أنّكم تصورتم من خلال الإرادة الاستعماليّة و مقتضى الإطلاق في (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما...) أنّ وجوب الصوم جعل بشكل مطلق، إلّا إنّني أنا الشارع و مقتضى قانون الصوم الذي جئت ب (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) أقول لكم: إنّه من البداية لم يجعل وجوب الصوم الحرجي، و إنّما كان في الحقيقة فقط تصوّر للجعل. فلو قال ذلك من الأوّل، و أورد مثل هذا التعبير، فمن أين لنا أن نعرف أنّ الصوم الحرجي مشتمل على مصلحة، فلو قيل (أكرم العلماء إلّا زيداً) على نحو