responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ثلاث رسائل المؤلف : الفاضل اللنكراني، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 157

المأخوذة من قوله تعالى: ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ‌ لا دلالة لها إلّا على نفي الجعل بالإضافة إلى الحكم الحرجى وجوباً أو تحريماً، و لا دلالة لها على إثبات الحكم في موردٍ تكليفاً أو وضعاً، فما ربّما يتوهّم من صحّة الاستدلال بالقاعدة في مورد المَحرميّة بالإضافة إلى الأطفال المأخوذة من المؤسّسات التي تكون متصدّية لأخذها و إعطائها إلى من يريد ذلك لأجل عدم كونه صاحب الولد، في غاية الإشكال و نهاية عدم الصحّة، خصوصاً لو كان الولد المزبور مذكّراً، فإنّ صريح الكتاب أنّه وقعت الزوجيّة السمائيّة بين الرسول (صلى الله عليه و آله) و بين زوجة زيد الذي كان من أدعياء الرسول (صلى الله عليه و آله) قال اللَّه تعالى: فَلَمَّا قَضى‌ زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ‌ [1] ففي الحقيقة قد وقع التصريح في الكتاب بعدم ثبوت المَحرميّة و جواز التزويج، و من المعلوم عدم الاختصاص بالتبنّي، بل يجري بالإضافة إلى البنت المأخوذة من تلك المؤسسات كما هو واضح.

هل تقع العبادة بعد رفع الوجوب صحيحة؟

أحد الأبحاث المطروحة في قاعدة (لا حرج)، هو أنّه لو أنّ التكليف الحرجي تعلّق بعبادة، سواءً تعلّق بجميع العبادة، أو جزئها، أو شرطها، و رفعت قاعدة (لا حرج) وجوبه، و نفت لزوم هذه العبادة، إلّا أنّ المكلّف مع ذلك امتثل الأمر و أتى بها فالبحث هو أنّه هل تقع هذه العبادة صحيحة، رغم أنّها لا تتصف بالوجوب؟

فلو كان الصوم حرجيّاً بالنّسبة لشخص فإنّ وجوب الصوم يرتفع عنه بقاعدة (لا حرج) فلو تحمّل الشخص هذا الحرج، و قال: رغم أنّ الصوم فيه حرج عليّ، إلّا أنّني اريد أن أصوم، فهل صومه صحيح أو باطل؟ و فيما إذا كانت هذه المسألة في شرط العبادة أو جزئها، بأن كان القيام في الصلاة حرجيّاً على‌ شخص، فإنّ قاعدة (لا حرج) تقول: لا يجب عليه القيام في الصلاة و يمكنه أن يصلّي من جلوس، فلو تحمّل هذا الشخص المشقّة و الضيق و صلّى بعناء، فهل صلاته صحيحة، أو باطلة؟ أو في باب الوضوء بأن كان الجوّ بارداً جدّاً بحيث كان التكليف معه بالوضوء حرجيّاً و رُفع معه التكليف و جعل بدله التيمّم، فلو أصرّ هذا الشخص و قال: مع إنّ في الوضوء حرج عليّ، إلّا أنّني اريد أن أتحمّل هذا الحرج و الضيق و أتوضّأ في مثل هذا الجوّ بهذا الماء البارد، فهل هذا الوضوء صحيح، أم باطل؟ هذا هو محلّ البحث، و هو أحد البحوث المهمّة في قاعدة (لا حرج). أوّل من صرّح ببطلان العبادة (وفقاً لما توصّلنا إليه) هو المرحوم كاشف الغطاء حيث قال: إنّ الوضوء الحرجي كالوضوء الضرري يقع باطلًا، و لا يقع صحيحاً [2]. و جاء بعده المرحوم صاحب الجواهر عليه الرحمة، و قال في كتاب الصوم في مسألة الشيخ و الشيخة وذي العطاش من الذين لا يجب عليهم الصوم، قال: لو صام هؤلاء، فصومهم باطل‌ [3]، لأنّ الدليل على‌ عدم وجوب الصوم على‌ هؤلاء هو قاعة (لا حرج)، و هذه القاعدة تطرح المسألة بنحو العزيمة لا الرخصة، فلا بدّ أن يعمل طبقاً لما تقتضيه قاعدة (لا حرج)، لا أنّ الإنسان مختار بالأخذ بقاعدة (لا حرج) أو بالدليل الأوّل الذي أثبت الحكم، كلّا فإنّ (لا حرج) عنوان مطروح على‌ نحو العزيمة لا الرخصة.


[1]. الأحزاب، 37.

[2]. راجع كشف الغطاء 3: 54، (ط) مكتبة الإعلام الإسلامي.

[3]. جواهر الكلام 17: 150.

اسم الکتاب : ثلاث رسائل المؤلف : الفاضل اللنكراني، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 157
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست