و هنا نسأل: مع وجود هذه الموارد، كيف يمكننا أن نوفّق بينها و بين قاعدة لا حرج؟ هل يمكننا أن نقول بأنّ هذه الموارد تخرج عن قاعدة لا حرج بالتخصيص. أو أنّ هناك علل اخرى بموجبها تكون هذه الموارد خارجة بالتحقيق. و من جملة علمائنا الأعلام (رحمهم اللَّه) الذين بحثوا هذا الموضوع هو المرحوم صاحب الفصول (قدس سره). فقد أفرد- بحثاً خاصّاً في آخر كتاب الفصول تحت عنوان «استحالة التكليف بما لا يطاق»، بحث فيه: هل أن التكليف بما لا يطاق محال، أو ليس بمحال؟ و البعض فصّل بين موارد ما لا يطاق، و بعد أن يتمّ المرحوم صاحب الفصول بحثه هذا، يفرد تتمّة لبحث قاعدة لا حرج [1]. و هناك يرى (رضوان اللَّه عليه) أنّ الموارد التي ذكرت في باب تخصيص قاعدة لا حرج، ليست من موارد التخصيص، بل إنّها خارجة عن قاعدة لا حرج بلحاظ موضوعاتها. و يشير إلى عدّة موارد منها: مسألة الجهاد. و منها أيضاً قضيّة هؤلاء الذين شقّ عليهم الإيمان بالإسلام حتّى أن القرآن حكى عنهم ما قالوه: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ[2] أي أنّهم لا يطيقون الإسلام أبداً. يقول صاحب الفصول (قدس سره): إنّ هؤلاء يخالفون الحقّ إلى هذه الدرجة، ثمّ يتساءل: أ لم يكن واجبهم هو قبول الحقّ و الإسلام؟ نعم، لكن هذا التكليف بالنسبة لهم فيه حرج شديد. ثمّ يضرب مثالًا آخر، و هو تهيئة النفس لتقبّل القصاص و الحدود. ثمّ يأتي بعدّة تخريجات لكلّ من مسألة الجهاد، و توطين النفس لتقبل الحدود