أنّه إذا كانت القاعدة واردة في مقام الامتنان، حينئذٍ تكون كالقاعدة العقليّة في استحالة التخصيص. فمن الممكن أن ترد القاعدة في مقام الامتنان و مع ذلك فهي قابلة للاستثناء في بعض الموارد، لوجود خصوصيّة معيّنة تمتاز بها تلك الموارد. من هنا نخلص إلى القول بأنّ قاعدة لا حرج هي قاعدة شرعيّة و تعبّدية، و هذا يبدو واضحاً من خلال أسانيد القاعدة. فالقاعدة تستند إلى الآيات و الروايات فقط. و حتّى الإجماع لا مدخليّة له في قاعدة لا حرج. كما أنّ دليل العقل لا مجال له في هذه القاعدة. و كما يظهر من الروايات و الآيات أنّ القاعدة وردت في مقام الامتنان. و بناءً على ذلك فإنّ قاعدة لا حرج قابلة للتخصيص.
و عليه لا بدّ من أن نبحث في الشريعة الإسلامية لنرى هل هناك ثمّة أحكام مخصّصة في قاعدة لا حرج؟ و ما يظهر من أدلّة القاعدة هو أنّ هذه القاعدة في مقام الإثبات لم تخصّص.
فلو أمعنّا النظر في الآية: وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ أو في الآية وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ و الآية: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا خاصّة الآية الأخيرة، حيث نلحظ فيها أنّ كلمة «إِصْراً» وردت نكرة في سياق النفي. و ظاهر هذه الآية أنّ دعاء الرسول جاء بهذا النحو أيضاً. إنّ تعبير الآية يختلف عن التعبير في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ حيث نلاحظ أنّ هناك موارد خصّصت فيها عبارة أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. أمّا في هذه الآية، فقد لاحظنا فيها أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله)، دعا الباري تعالى في مسألة عامّة. و استجابت له بشكل عامّ و كلّي.
الموارد الحرجيّة في الشّريعة المقدّسة
و يظهر من خلال هذه الآية و الآيات السابقة أنّ القاعدة لم تخصّص، و إن