المفردات: الإصر عقد الشيء و حبسه بقهره. أي أنه يسلب الاختيار على الشيء. و من البديهي أنّ مثل هذا العقد أو الحبس يستلزم الضيق. ثمّ يقول: و المأصر و المأصد كلاهما بمعنى حبس السفينة، أي العمل على ربط فيها السفينة بالقرب من السواحل. فالمحبس هو المكان الذي تعاق فيها حركة السفينة، و يضيّق عليها بأن لا تعطى مجالًا لأن تميل إلى هنا و هناك. بعد ذلك يورد الراغب قوله تعالى: وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ[1] فيقول: إصرهم أي الامور التي تثبّتهم و تقيّدهم عن الجزاء و الوصول إلى الثواب، ثمّ يقول: و على ذلك- أي على نفس المعنى- الآية الكريمة: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً. و ورد في مجمع البحرين: أنّ أصل الإصر الضيق و الحبس، و إنّما ذكر الحبس لاشتماله على معنى الضيق. يقال أصّره بإصره، إذا ضيّق عليه و حبسه. يقال للثقل إصراً لأنّه يأصر صاحبه عن الحركة، أي ما يمنع الإنسان عن الحركة و يجعله في ضيق، ثمّ يقول: إنّ قوله تعالى: وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ هو مثل لثقل تكليفهم، التكليف الذي كان عليهم و الذي كان على الامم قبلهم. فهذه التكاليف كانت ثقيلة بالنسبة إليهم و كانت تسبّب لهم ضيّقاً و شدّة. و لذلك كان من بركات رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله) على الامّة الإسلامية أن يضع عنهم إصرهم. و ما لاحظناه هنا هو أنّ الإصر في الحقيقة معناه الضيّق. إذن نحن لم نتوصل بعد إلى الفرق بين العناوين الثلاثة: الضيق، و الحرج، و الإصر. فالحرج فسّر بالضيق. و الإصر أيضاً و إن كان قد أخذ فيه معنى الحبس، إلّا أنه استعمل بهذا المعنى لكونه يفيد معنى الضيق.