ثمّ إنّه يُشترط في علاميّة التبادر نشوّه من حاقّ اللّفظ و من دون قرينة و لو شهرةً، و حينئذٍ فإنْ تبادرَ المعنى عند المستعلم فالأمر سهل؛ لأنّه يعلم أنّه من حاقّ اللّفظ أو بمعونة القرائن.
و إن كان عند أهل المحاورة و الاصطلاح: فإن عُلم استناده إلى حاقّ اللّفظ فهو، و إلّا فمع الشكّ في ذلك و احتمل استناده إلى قرينة حاليّة أو مقاليّة.
فذهب المحقّق العراقي (قدس سره): إلى أنّه بالاطّراد يكشف أنّ ذلك التبادر من حاقّ اللّفظ، فالاطّراد في صورة الشّكّ سبب لإحراز شرط تأثير التبادر و علاميّته للحقيقة، و حينئذٍ فالاطّراد ليس علامةً مُستقلّة للحقيقة [1].
و فيه: إن أفاد الاطّراد العلم بذلك، فالمعتمد هو العلم الحاصل من الاطّراد لا التبادر، و إلّا فلا دليل على حجيّة الاطّراد، لا من العقل و لا من النقل، و لم يثبت بناء العقلاء عليه أيضاً.
و ذهب بعض آخر: إلى أنّه يمكن إحراز أنّ التبادر من حاقّ اللّفظ بأصالة عدم القرينة [2].
و فيه أيضاً: أنّه لا دليل على حجّيتها في المقام؛ إذ ليس المراد منها الاستصحاب الشرعي المعروف بين المتأخّرين.
و أمّا أصالة العدم المعروفة بين القدماء: فالدليل عليها هو بناء العقلاء عليها، و هو إنّما يُسلّم فيما إذا اطلق اللّفظ، و لم يُعلم أنّ المتكلّم أراد معناه الحقيقي، أو معناه المجازي بمعونة القرينة.
و بعبارة اخرى: المسلّم من بناء العقلاء على أصالة عدم القرينة، إنّما هو في تشخيص مراد المتكلّم، و أنّه أراد المعنى الحقيقي المعلوم للّفظ أو لا.