و ظهر ممّا ذكرنا: عدم المنافاة بين دعوى تبادر الزمان من الفعل و بساطة معناه بالمعنى المتقدّم.
هذا بالنسبة إلى الماضي و المضارع، أمّا الأمر فلا ريب و لا إشكال في عدم دلالته على الزمان؛ لأنّه موضوع لطلب الطبيعة لا غير.
ثمّ إنّ المضارع قد يُطلق على المتلبِّس بالفعل في الحال- أي الزمان الحاضر- بلا عناية، كما في «زيد يُصلّي» إذا كان مشتغلًا بالصلاة بالفعل، و قد لا يطلق إلّا على المتلبّس في الاستقبال، كما في «يقوم» و «يقعد» إذ لا شبهة في عدم إطلاقهما على المتلبِّس في الحال؛ أي حال النطق، فضلًا عن الحال بمعنى الزمان الحاضر، فهل هو مشترك لفظي لكلٍّ من الحال و الاستقبال، أو أنّه موضوع لمعنىً عامّ يشملهما، كمفهوم الزمان غير الماضي؟ و لا سبيل إلى واحدٍ منهما؛ لبعد الأوّل، و عدم ملائمة الثاني؛ لكون الموضوع له فيه خاصّاً، فلا بدّ إمّا من الالتزام بأنّه موضوع للمتلبّس في الحال، و استُعمل كثيراً في الاستقبال مع القرينة بنحوٍ من العناية حتّى أفاده بغير قرينة، أو العكس كما هو الظاهر، و ليس مجازاً في الحال، كما اختاره في «الدرر» حيث قال: إنّ إطلاق مثل «يصلّي» و «يقرأ» و «يتكلّم» على الحال، إنّما هو بملاحظة الأجزاء اللّاحقة التي لم توجد بعدُ [1] انتهى. للقطع بأنّه ليس في إطلاقه على الحال عناية و ادّعاءٌ ليكون مجازاً.
الأمر الخامس: في اختلاف مبادئ المشتقّات
مبادئ المشتقّات مختلفة، فبعضها حرفة و صناعة كالتجارة و النجارة، و في بعضها قوّة و ملكة كالاجتهاد، و بعضها من الأفعال كالأكل و الشرب، و اختلافها