اسم الکتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن المؤلف : السيد الشريف الرضي الجزء : 0 صفحة : 41
وفائه، فان الشاعر بعيد الخيال يصطبغ للظروف بألوانها في أغلب الأحايين، و يصف نفسه بما هو بريء منه.
و لكن نظرة واحدة فيما نظمه متوجعا لخلع الطائع سنة 381، و في رثائه يوم توفي في الاعتقال بعد جدع انفه و أذنيه سنة 393، تدلنا على احتفاظه بالولاء و تمسكه بالمودة التالدة، فان من يخلعه بهاء الدولة غضبا عليه ليستصفي أمواله، ثم يقضي منكلا به مهانا بعد بضعة عشر عاما قضاها في الاعتقال، تستهجن المجاهرات باطرائه و تأبينه ذلك التأبين الحاد، و ربما كانت المجاهرة بذلك مثيرة لغضب أضداده، بل هي موقفة لصاحبها في معرض الخطر لا محالة.
و مع أن السيرة لم توقفنا على من مدح خليعا، و لا من رثى من نكل به الملك، مجاهرة، غير الشريف، فانا نستغرب ذلك بادئ بدء حتى من الشريف، لأن المستخلف بعد هذا الخليع هو القادر الذي لم تزل حال الشريف معه قلقة، و هو لا ينفك يزايلها لتصلح نوعا ما، فان صلحت فببهاء الدولة، و هو هو الخالع للطائع و هو الممثل به؛ و لكن نفس الشريف الحرة الجريئة التي يقول عنها [1] :
و لكنها نفس كما شئت حرة # تصول و لو في ماضغ الأسد الورد
و وغول غرائز الوفاء في تلك النفس الحرة القوية، القوية الارادة-حملته على أن يتعمد غضب أولياء الأمور عليه مهما كلفه ذلك من خسارة حكم او سلطان. و عندي ان من جيد مرثية له معنى ما يطري به مننه و أياديه