اسم الکتاب : تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة (الاجتهاد والتقليد) المؤلف : الفاضل اللنكراني، الشيخ محمد الجزء : 1 صفحة : 86
..........
راوي أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) و الناظر في حلالهم و حرامهم، و العارف بأحكامهم، و هو يصدق بالنظر في جملة معتدّ بها من المسائل و معرفة شيء كثير من أحكامهم، و عليه فلا دلالة لهذه الرواية أيضاً على اعتبار الاجتهاد المطلق أصلًا.
ثمّ إنّه ربّما يقال: بأنّه يعارض المقبولة في نفس موردها حسنة أبي خديجة المعروفة المتقدّمة أيضاً، المشتملة على قول أبي عبد اللَّه جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السلام): «إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور، و لكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم، فإنّي قد جعلته قاضياً فتحاكموا إليه» [1].
نظراً إلى أنّها تدلّ على أنّ العلم ببعض أحكامهم و قضاياهم كاف في باب القضاء، لظهور كلمة «من» في التبعيض، و لا يمكن أن تكون بيانية؛ لأنّه مع مخالفته لظاهر مثل هذا التعبير كما هو غير خفي يلزم على هذا التقدير أن يقال: «أشياء من قضايانا» أو بنحو الجنس كما في قوله تعالى فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ[2].
و بالجملة: لا مجال للمناقشة في دلالة الرواية على كفاية العلم بالبعض نظراً إلى كلمة «من». و لا فرق من هذه الجهة بين ما ورد على طريق الشيخ في التهذيب [3] من قوله: «من قضايانا» و ما ورد على طريق الكليني [4] و الصدوق (قدّس سرّهما)[5] من قوله: «من قضائنا». ضرورة أنّ كلمة «القضاء» بنحو الإفراد لا ظهور فيها في خصوص الحكم في مقام الترافع، بل هو بمعنى طبيعة الحكم و ماهيّته، فالاختلاف بينه و بين قوله: «قضايانا» إنّما هو في الإفراد و الجمع كما هو غير خفي. و بالجملة: فالحسنة تعارض المقبولة بحسب الظاهر.
و لكن مقتضى الجمع العرفي بين الروايتين بعد عدم ظهور المقبولة في اعتبار المعرفة بجميع الأحكام كما عرفت، و عدم دلالة الحسنة على تقدير التبعيض أيضاً على كفاية مجرّد العلم ببعض الأحكام و لو واحداً أو اثنين؛ لأنّه مضافاً إلى عدم المناسبة حينئذٍ بين الحكم و الموضوع، ضرورة أنّ مجرّد العلم بحكم واحد لا يوجب
[1] الوسائل كتاب القضاء أبواب صفات القاضي الباب الأول ح 5