اسم الکتاب : تعريب موسوعة عاشوراء المؤلف : خليل زامل العصامي الجزء : 1 صفحة : 276
(1) في ملحمة كربلاء كان الصبر مشهودا في القول و العمل لدى سيد الشهداء و أهل بيته و انصاره الصابرين الأوفياء؛ فلما أراد الخروج من مكة الى العراق القى خطبة قال فيها: «رضا اللّه رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه و يوفينا أجر الصابرين» [1]، و خاطب أصحابه في احد المنازل على طريق العراق ليلفت انظارهم الى خطورة الموقف و صعوبة ما هم مقبلين عليه فقال: «أيها الناس، من كان منكم يصبر على حد السيف و طعن الأسنّة فليقم معنا، و إلّا فلينصرف عنّا» [2]، و لكن أصحابه لم يبدر منهم إلّا ما أحبّ هو من الصبر عند لقاء الاقران، و تحمّل شدّة العطش، و هجوم العدو، و الثبات حتى الشهادة مع قلّة الناصر، بل كانوا في غاية الفرح و السرور، حتى ان بعضهم كان يمزح في تلك الساعة و يقول: انّي و اللّه مستبشر بما نحن لاقون و اللّه ما بيننا و بين حور العين إلّا انّ يميل علينا هؤلاء بأسيافهم، و لوددت انّهم مالوا علينا الساعة، هكذا علّمهم الحسين انّ الصبر جسر للعبور الى الجنّة، فهو يقول لهم: «صبرا بني الكرام، فما الموت إلّا قنطرة تعبر بكم عن البؤس و الضراء الى الجنان الواسعة و النعيم الدائم» [3]، و علّم درس الصبر حتّى لاهل بيته و عياله، و دعاهم الى الصبر و التحمل قائلا: «انظروا إذا أنا قتلت فلا تشقّن عليّ جيبا و لا تخمشن وجها» [4]، و تحمّلت اخته زينب ثقل هذه الملحمة الدامية، و كانت كل لحظة من وقائع الحادثة تعبيرا عن المقاومة و الثبات، و حتّى الكلمات الأخيرة التي تلفظ بها سيد الشهداء حين سقط على الارض إنمّا تعكس هذه الروح من الصبر و الصمود، إذ قال: «صبرا على قضائك» [5].