و كان استشهاده سنة (83) من الهجرة، و كان عمره الشريف آنذاك تسعين سنة، و قبره معروف الآن في الثوية (ما بين النجف و الكوفة).
(1)
الثاني و العشرون:
مالك بن الحارث، الأشتر النخعي، سيف اللّه المسلول على اعدائه قدس اللّه روحه، جليل القدر عظيم المنزلة، و اختصاصه بأمير المؤمنين عليه السّلام أظهر من أن يذكر، و يكفيه شرفا و عزّا قول أمير المؤمنين عليه السّلام في حقّه:
«رحم اللّه مالكا فلقد كان لي كما كنت لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)».
و أرسله أمير المؤمنين الى مصر سنة (38) ه و جعله راليا عليها و كتب لأهل مصر:
«امّا بعد، فانّي قد وجّهت إليكم عبدا من عباد اللّه لا ينام ايّام الخوف و لا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر، أشدّ على الفجار من حريق النار و هو مالك ابن الحارث الأشتر أخو مذحج فاسمعوا له و أطيعوا فانّه سيف من سيوف اللّه ...» [2].
(2) و عهده للأشتر هو أطول عهد كتبه عليه السّلام، و يشتمل على لطائف و محاسن و حكم جمّة بحيث يكون دستورا و قانونا لكل الامراء و السلاطين طوال الدهر، و فيه قوانين في الخراج و الزكاة، و لا يبقى ظلم و جور اذا عمل بمضمونه، و هذا العهد معروف و قد شرح و ترجم مرارا، فلمّا كتب عليه السّلام ذلك العهد أمر مالكا بالرحيل، فخرج في جمع من الجيش و توجّه نحو مصر، فلمّا وصل الخبر الى معاوية أرسل كتابا الى (زارع عريش) أن يسمّه و يفتله، و في المقابل يعفيه معاوية عن الخراج و الضرائب عشرين سنة.
(3) فلمّا وصل الأشتر الى عريش، سأل الزارع عن الأكلة التي يحبّها الأشتر فقيل له:
انّه يحبّ العسل، فجاء الزارع بعسل مسموم الى الأشتر و اهداه إليه، و ذكر له جملة من