اسم الکتاب : تعريب منتهى الآمال في تواريخ النبي و الآل المؤلف : الميلاني، السيد هاشم الجزء : 1 صفحة : 390
(1)
الثالث عشر:
عبد اللّه بن جعفر، و في المجالس انّه اول مولود ولد في الاسلام، و ولد في ارض الحبشة.
و بعد الهجرة النبوية الى المدينة جاء إليها مع ابيه و تشرّف بلزوم محضر النبي (صلّى اللّه عليه و آله). قال عبد اللّه بن جعفر: أنا أحفظ حين دخل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) على أمّي فنعى لها أبي فأنظر إليها و هو يمسح على رأسي و رأس أخي و عيناه تهراقان بالدموع حتى تقاطرت على لحيته ثم قال:
«اللهم انّ جعفرا قد قدم إليك الى أحسن الثواب فاخلفه في ذريته بأحسن ما خلفت أحدا من عبادك في ذريّته».
ثم جاء إلينا بعد ثلاثة ايام فتلطّف علينا و اكرمنا و اخرجنا عن ثياب الحزن و التعزية و دعا لنا قال لأمنّا أسماء بنت عميس أن تصبر و لا تحزن و انّه وليّنا في الدنيا و الآخرة.
و كان عبد اللّه في غاية الكرم و الظرافة و الحلم و العفة و قد بلغ من السخاء مبلغا حيث قيل له بحر الجود، و قيل انّه عابه جمع على كثرة السخاء و الجود فقال: قد مضت مدّة و علّمت الناس على انعامي وجودي لهم أخاف ان قطعت انعامي عليهم قطع اللّه عطاءه عليّ [1].
(2) و روى ابن شهرآشوب انّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) مرّ بعبد اللّه بن جعفر و هو يصنع شيئا من طين من لعب الصبيان، فقال: ما تصنع بهذا؟ قال: أبيعه، قال: ما تصنع بثمنه؟ قال: اشتري رطبا فآكله، فقال النبي (صلّى اللّه عليه و آله): اللهم بارك له في صفقة يمينه.
فكان يقال: ما اشترى شيئا قط الّا ربح به، فصار أمره الى ان يمثل به، فقالوا: عبد اللّه بن جعفر الجواد، و كان أهل المدينة يتداينون بعضهم من بعض الى ان يأتي عطاء عبد اللّه بن جعفر [2].
و عابوا عليه كثرة الجود و العطاء فقال:
لست أخشى قلّة العدم * * * ما اتّقيت اللّه في كرمي