اسم الکتاب : تعريب كامل البهائي المؤلف : الطبري، عماد الدين الجزء : 1 صفحة : 362
ما نويت عليه، و قلت: اللهمّ اجعل إهلالي كإهلال نبيّك، فقال: أو سقت الهدي؟
قال: نعم أربعا و أربعين بدنة، فقال النبيّ: اللّه أكبر، شاركتني في حجّي و هديي، فقد سقت أنا ستّا و ستّين بدنة فاذهب الآن و ائتني بأصحابك.
فذهب أمير المؤمنين (عليه السلام) إليهم فوجدهم قد عبثوا بالمال و فتحوا الرحال و استخرجوا الحلل فلبسوها، فعاتب الذي ائتمنه على القوم، فقال: إنّهم طلبوا منّي أن يلبسوا الحلل و يحرموا بها، فقال أمير المؤمنين: سبحان اللّه! كيف ساغ لك لبسها قبل أن يراها النبيّ؟! فاستدعاهم جميعا و أمرهم بنزعها و أن يجعلوها في الأثقال، و أقبلوا إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) فشكوه إلى النبيّ، و قالوا: إنّه انتزع الحلل منّا، فقال النبيّ: لقد فعل عليّ الصواب، فكانوا يطعنون على عليّ لما في صدورهم من حقد عليه، و أطلقوا ألسنتهم في أمره، فرقى النبيّ المنبر و خطبهم قائلا: ارفعوا ألسنتكم عن عليّ بن أبي اطلب فإنّه خشن في ذات اللّه تعالى، غير مداهن في دينه.
و لمّا رأى الناس غضب النبيّ أمسكوا عن الطعن على عليّ (عليه السلام)، و أتمّ النبيّ حجّة ثمّ قفل راجعا إلى المدينة.
الفصل الثاني: في ذكر الغدير
و أقبل النبيّ عائدا من منزل إلى منزل حتّى بلغ موضعا يدعى «غدير خم» و هو واقع على مفترق الطرق، و منه تتفرّق القبائل إلى مساكنها، و لكن ليس فيه مكان يصلح للنزول، فهبط جبرئيل على النبيّ آخذا بزمام ناقته، و قال: إنّ اللّه تعالى يقرئك السلام و يأمرك بالنزول على غير ماء أوكلأ لكي تبلغ رسالته المهمّة إلى الناس قبل أن يتفرّقوا، و معه الآية: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ[1]، فنزل رسول اللّه