الأمرُ تارةً يستعمل بمادّته، فيقال: (آمرك بالصلاة)، و اخرى بصيغته، فيقال: (صَلِّ).
أمّا مادّة الأمر فلا شكّ في دلالتها بالوضع على الطلب، و لكن لا بنحو تكون مرادفةً لِلَفظ الطلب، لأنّ لفظ الطلب ينطبق بمفهومه على الطلب التكوينيّ، كطلب العطشان للماء، و الطلب التشريعيّ، سواء صدر من العالي أو من غيره، بينما الأمر لا يصدق إلّا على الطلب التشريعيّ من العالي، سواء كان مستعلياً أي متظاهراً بعلوِّهِ أوْ لا [1].
كما أنّ مادّة الأمر لا ينحصر معناها لغةً بالطلب، بل ذكرت لها معان اخرى: كالشيء، و الحادثة، و الغرض، و على هذا الأساس تكون مشتركاً لفظيّاً، و تعيين الطلب بحاجة إلى قرينة، و متى دلّت القرينة على ذلك يقع الكلام في أنّ المادّة تدلّ على الطلب بنحو الوجوب، أو تلائم مع الاستحباب؟ فقد يستدلّ على أنّها تدلّ على الوجوب بوجوه:
----------
[1] و سواء كان علوّه حقيقيّاً أو ادّعائيّاً. و قد يعبّر عن العلوّ الادّعائي بالاستعلاء.