تلك الحصّة بالذات، أي في ماء الفرات بما هو ماء خاصّ، و هذا يكون مجازاً، لأنّ اللفظ لم يوضع للخاصّ بما هو خاصّ. الثانية: أن تستعمل لفظة الماء في معناها المشترك بين ماء الفرات و غيره و تأتي بلفظ آخر يدلّ على خصوصية الفرات بأن تقول: (ائتني بماء الفرات)، فالحصّة الخاصّة قد افيدت بمجموع كلمتي (ماء) و (الفرات)، لا بكلمة (ماء) فقط، و كلّ من الكلمتين قد استعملت في معناها الموضوعة له فلا تجوز، و نطلق على إرادة الخاصِّ بهذا النحو (طريقة تعدّد الدالِّ و المدلول)، فطريقة تعدّد الدالِّ و المدلول نعني بها: إفادة مجموعة من المعاني بمجموعة من الدوال و بإزاء كلِّ دالٍّ واحد من تلك المعاني.
الاشتراك و الترادف:
لا شكّ في إمكان الاشتراك (و هو وجود معنيين لِلَفظ واحد) و الترادف (و هو وجود لفظين لمعنىً واحد) بناءً على غير مسلك التعهّد في تفسير الوضع، و مجرّد كون الاشتراك مؤدّياً إلى الإجمال و تردّد السامع في المعنى المقصود لا يوجب فقدان الوضع المتعدّد لحكمته، لأنّ حكمته إنّما هي إيجاد ما يصلح للتفهيم في مقام الاستعمال و لو بضمّ القرينة.
و أمّا على مسلك التعهّد فلا يخلو تصوير الاشتراك و الترادف من إشكال، لأنّ التعهّد إذا كان بمعنى (الالتزام بعدم الإتيان باللفظ إلّا إذا قصد تفهيم المعنى الذي يضع له اللفظ) امتنع الاشتراك [1]
----------
[1] و لم يمتنع الترادف رغم تضمّنه لتعهّدين من هذا القبيل بالنسبة إلى معنى واحد، و ذلك لأنّ الصيغة السلبيّة المذكورة للتعهّد إنّما تقتضي في باب الترادف الالتزام بعدم الإتيان بهذا اللفظ و عدم الإتيان بذاك اللفظ أيضاً عند عدم إرادة المعنى المعيّن، و لا تقتضي الالتزام بالإتيان بهذا اللفظ و الإتيان بذاك اللفظ أيضاً عند إرادة المعنى المعين حتّى يستلزم الإتيان بكلا اللفظين عند إرادة ذلك المعنى.