الأمارة معناها الدليل الظنّيّ الذي يُستظهر من دليل حجّيته: أنّ تمام الملاك لحجّيته هو كشفه بدون نظر إلى نوع المنكشف، و هذا الاستظهار متى ما تمّ في دليل الحجّية كان كافياً لإثبات الحجّية في المدلولات الالتزاميّة أيضاً، لأنّ نسبة كشف الأمارة إلى المدلول المطابقيّ و الالتزاميّ بدرجة واحدة دائماً، و ما دام الكشف هو تمام الملاك للحجّية بحسب الفرض فيعرف من دليل الحجّية أنّ مثبتات الأمارة كلّها حجّة. و على خلاف ذلك الاصول العمليّة تنزيليّةً أو غيرها، فإنّها لمّا كانت مبنيّةً على ملاحظة نوع المؤدّى كما تقدّم [1] فلا يمكن أن يستفاد من دليلها إسراء التعبّد إلى كلّ اللوازم إلّا بعناية خاصّة في لسان الدليل. و من هنا قيل: إنّ الاصول العمليّة ليست حجّةً في مثبتاتها، أي في مدلولاتها الالتزاميّة، و سيأتي تفصيل الكلام عن ذلك في أبحاث الاصول العمليّة إن شاء الله تعالى.
تبعيّة الدلالة الالتزاميّة للمطابقيّة:
عرفنا أنّ الأمارات حجّة في المدلول المطابقيّ و المدلول الالتزاميّ معاً، و المدلول الالتزاميّ: تارةً يكون مساوياً للمدلول المطابقيّ [2] و اخرى يكون أعمَّ منه [3] ففي حالة المساواة إذا علم بأنّ المدلول المطابقيّ باطل
[2] بحيث لا يعقل صدق الدلالة الالتزاميّة مع كذب الدلالة المطابقيّة، كما في دلالة وجوب صلاة الجمعة على عدم وجوب صلاة الظهر، إذ لا نحتمل عدم وجوب صلاة الظهر من دون وجوب صلاة الجمعة.
[3] بحيث يعقل صدق الدلالة الالتزاميّة مع كذب الدلالة المطابقيّة، كما في دلالة الاحتراق بالنار على الموت، إذ يمكن تحقّق الموت من دون الاحتراق بالنّار.