بمعنى أنّه لا بدّ للقاطع أن لا يرتكب ما قطع بحرمته، و إنّ القطع بعدم الحرمة معذّر عنها، بمعنى أنّ له أن يرتكب الفعل. و هناك شيء آخر و هو إسناد الحرمة نفسها إلى المولى، فإنّ القطع بحرمة الخمر يؤدّي إلى جواز إسناد الحرمة إلى المولى، بأن يقول القاطع: إنّ الشارع حرّم الخمر، لأنّه قول بعلم، و قد أذن الشارع في القول بعلم و حرّم القول بلا علم.
و بالتدبّر في ما بيّنّاه من التمييز بين القطع الطريقيّ و القطع الموضوعيّ يتّضح: أنّ القطع بالنسبة إلى جواز الإسناد قطع موضوعيّ لا طريقيّ، لأنّ جواز الإسناد حكم شرعيّ اخذ في موضوعه القطع بما يسند إلى المولى [1].
تلخيص و مقارنة:
اتّضح ممّا ذكرناه: أنّ تنجّز التكليف المقطوع لمّا كان من شئون حقّ الطاعة للمولى سبحانه، و كان حقّ الطاعة له يشمل كلّ ما ينكشف من تكاليفه و لو انكشافاً احتماليّاً فالمنجّزيّة إذن ليست مختصّةً بالقطع، بل تشمل كلّ انكشاف مهما كانت درجته، و إن كانت بالقطع تصبح مؤكّدةً و غير معلّقة، كما تقدّم.
و خلافاً لذلك مسلك من افترض المنجّزيّة و الحجّيّة لازماً ذاتيّاً للقطع، فإنّه ادّعى أنّها من خواصّ القطع. فحيث لا قطع و لا علم لا منجّزيّة، فكلّ تكليف لم ينكشف بالقطع و اليقين فهو غير منجّز و لا
----------
[1] و بهذا يظهر أنّ القطع بأيّ حكم من الأحكام الشرعيّة قطع طريقيّ و موضوعيّ في نفس الوقت، فهو قطع طريقيّ بالنسبة إلى ذات الحكم المقطوع به، و موضوعيّ بالنسبة إلى جواز إسناده إلى المولى.