إذا لاحظنا الاصول العمليّة المتقدّمة وجدنا أنّ بعضها وارد على بعض، مثلًا: دليل البراءة الشرعيّة وارد على أصالة الاشتغال الثابتة بحكم العقل على مسلك حقّ الطاعة [1] و لكن في حالات اخرى لا يوجد ورود.
فمنها: حالة التعارض بين البراءة و الاستصحاب، كما إذا علم بحرمة مقاربة الحائض و شكّ في بقاء الحرمة بعد النقاء [2]، فإنّ الاستصحاب يقتضي بقاء الحرمة، و البراءة تقتضي التأمين عنها، فيتعارض دليل الاستصحاب مع دليل البراءة. و المعروف تقديم دليل الاستصحاب على دليل البراءة لوجهين:
[1] و ذلك لأنّ أصالة الاشتغال العقليّة معلّقة على عدم ورود الترخيص الظاهري في ترك التحفّظ كما سبق، و البراءة الشرعيّة تشكّل ترخيصاً ظاهرياً في ترك التحفّظ، فيرتفع بها موضوع أصالة الاشتغال ارتفاعاً حقيقيّاً، و هذا هو الورود الذي مضى توضيحه.