و أمّا بالنسبة إلى القسم الثاني فقد يقال بعدم اجتماع الركن الأوّل و الثاني معاً، لأنّ الأمر التدريجيّ سلسلة حدوثات، فإذا علم بأنّ شخصاً يمشي و شكّ في بقاء مشيه لم يكن بالإمكان استصحاب المشي لترتيب ما له من الأثر، لأنّ الحصّة الاولى منه معلومة الحدوث و لكنّها لا شكّ في تصرّمها، و الحصّة الثانيّة مشكوكة و لا يقين بها، فلم تتمّ أركان الاستصحاب في شيء. و من هنا يستشكل في إجراء الاستصحاب في الزمان، كاستصحاب النهار و نحو ذلك، لأنّه من الامور التدريجيّة.
و الجواب على هذا الإشكال: أنّ الأمر التدريجيّ على الرغم من تدرّجه في الوجود و تصرّمه قطعةً بعد قطعة له وحدة و يعتبر شيئاً واحداً مستمرّاً على نحو يصدق على القطعة الثانية عنوان البقاء، فتتمّ أركان الاستصحاب حينما نلحظ الأمر التدريجيّ بوصفه شيئاً واحداً مستمرّاً، فنجد أنّه متيقّن بدايةً و مشكوك نهايةً فيجري استصحابه، و هذه الوحدة مناطها في الأمر التدريجيّ اتّصال قطعاته بعضها ببعض اتّصالًا حقيقيّاً، كما في حركة الماء من أعلى إلى أسفل، أو اتّصالًا عرفياً، كما في حركة المشي عند الإنسان فإنّ المشي يتخلّله السكون و الوقوف و لكنّه يُعتبر عرفاً متواصلًا.
استصحاب الكلّي:
إذا وجد زيد في المسجد مثلًا، فقد وجد الإنسان فيه ضمناً، لأنّ الطبيعيّ موجود في ضمن فرده، فهناك وجود واحد يضاف إلى الفرد و إلى الطبيعيّ الكلّيّ، و من حيث تعلّق اليقين بالحدوث و الشكّ