دليل الاحتياط و دليل البراءة متكافئان و تساقطا رجعنا إلى دليل الاستصحاب، إذ كلّما وجد عامٌّ (كدليل الاستصحاب) و مخصّص (كدليل الاحتياط) و معارض للمخصّص (كدليل البراءة) سقط المخصّص مع معارضه و رجعنا إلى العامّ.
تحديد مفادِ البراءة:
بعد أن ثبت أنّ الوظيفة العمليّة الثانويّة هي أصالة البراءة نتكلّم عن تحديد مفاد هذا الأصل و حدوده، و ذلك في عدّة نقاط.
البراءة مشروطة بالفحص:
النقطة الاولى: في أنّ هذا الأصل مشروط بالفحص و اليأس عن الظفر بدليل، فلا يجوز إجراء البراءة لمجرّد الشكّ في التكليف و بدون فحص في مظانّ وجوده من الأدلّة.
و قد يتراءى في بادئ الأمر أنّ في أدلّة البراءة الشرعيّة إطلاقاً حتّى لحالة ما قبل الفحص، كما في (رفع ما لا يعلمون) فإنّ عدم العلم صادق قبل الفحص أيضاً، و لكنّ هذا الإطلاق يجب رفع اليد عنه، و ذلك للُامور التالية:
أوّلًا: أنّ بعض أدلّة البراءة تثبت المسئوليّة و الإدانة في حالة وجود بيان على التكليف في معرض الوصول على نحو لو فحص عنه المكلّف لوصل إليه، فمثلًا: الآية الثانية [1] إذا تمّت دلالتها على البراءة،
[1] و هي قوله تعالى: (وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا).