و حين نلاحظ أنواع الحكم التكليفيّ التي مرّت بنا نجد أنّ بينها تنافياً و تضادّاً يؤدّي إلى استحالة اجتماع نوعين منها في فعل واحد، و مردّ هذا التنافي إلى التنافر بين مبادئ تلك الأحكام، و أمّا على مستوى الاعتبار فقط فلا يوجد تنافر، إذ لا تنافي بين الاعتبارات إذا جرّدت عن الملاك و الإرادة.
و كذلك أيضاً لا يمكن أن يجتمع في فعل واحد فردانِ من نوع واحد، فمن المستحيل أن يتّصف شيء واحد بوجوبين، لأنّ ذلك يعني اجتماع إرادتين على مراد واحد، و هو من قبيل اجتماع المثلين، لأنّ الإرادة لا تتكرّر على شيء واحد، و إنّما تقوى و تشتدّ، و المحذور هنا أيضاً بلحاظ المبادئ، لا بلحاظ الاعتبار نفسه.
شمول الحكم الشرعيّ لجميع وقائع الحياة:
و لمّا كان الله تعالى عالماً بجميع المصالح و المفاسد التي ترتبط بحياة الإنسان في مختلف مجالاته الحياتيّة فمن اللطف اللائق برحمته أن يشرِّع للإنسان التشريع الأفضل وفقاً لتلك المصالح و المفاسد في شتّى جوانب الحياة، و قد أكّدت ذلك نصوص كثيرة وردت عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) [1]، و خلاصتها: أنّ الواقعة لا تخلو من حكم.
----------
[1] أصول الكافي/ الجزء الأوّل/ كتاب فضل العلم/ باب الردّ إلى الكتاب و السنّة.