الحرمة حكم تكليفي، و البطلان حكم وضعيّ قد توصف به العبادة، و قد توصف به المعاملة، و يراد ببطلان العبادة أنّها غير مُجزية، و لا بدّ من إعادتها أو قضائها. و ببطلان المعاملة أنّها غير مؤثّرة و لا يترتّب عليها مضمونها. و قد وقع الكلام في أنّ التحريم هل يستلزم البطلان، أوْ لا؟
أمّا أوّلًا فلأنّ تحريمها يعني عدم شمول الأمر لها، لامتناع اجتماع الأمر و النهي، و مع عدم شموله لها لا تكون مجزيةً و لا يسقط بها الأمر، و هو معنى البطلان.
فإن قيل: إنّ الأمر غير شامل، و لكن لعلّ ملاك الوجوب شامل لها، و إذا كانت واجدةً للملاك و مستوفيةً له فيسقط الأمر بها.
قلنا: إنّه بعد عدم شمول الأمر لها لا دليل على شمول الملاك، لأنّ الملاك إنّما يعرف من ناحية الأمر [2].
و هذا البيان كما يأتي في العبادة المحرّمة يأتي أيضاً في كلّ مصداق لطبيعة مأمور بها، سواء كان الأمر تعبّديّاً أو توصّليّاً.
و أمّا ثانياً فلأنّنا نفترض مثلًا أنّ الملاك موجود في تلك
[1] كصوم عيد الفطر و الأضحى، أو الصلاة في المكان المغصوب.
[2] و ذلك بالدلالة الالتزاميّة، و قد قلنا سابقاً: إنّ الدلالة الالتزاميّة تسقط عن الحجّيّة تبعاً للدلالة المطابقيّة.