مرّ بنا أنّ دليل السيرة العقلائيّة يعتمد على ركنين: أحدهما قيام السيرة المعاصرة للمعصومين من العقلاء على شيء. و الآخر سكوت المعصوم الذي يدلّ كما تقدّم على الإمضاء. و السؤال الآن: كيف يمكن أن نحرز كلّ واحد من هذين الركنين؟ فإنّنا بحكم عدم معاصرتنا لهما زماناً يجب أن نستدلّ عليهما بقضايا معاصرة ثابتة وجداناً لكي نحرز بذلك هذا النوع من الدليل الشرعيّ.
السيرة المعاصرة للمعصومين: أمّا السيرة المعاصرة للمعصومين (عليهم السلام) فهناك طرق يمكن أن يدَّعى الاستدلال بها عليها، و قد تستعمل نفس الطرق لإثبات
السيرة المعاصرة للمعصومين
من المتشرّعة بوصفهم الشرعيّ:
الطريق الأوّل: أن نستدلّ على ماضي السيرة العقلائيّة بواقعها المعاصر لنا، و هذا الاستدلال يقوم على افتراض الصعوبة في تحوّل السيرة من سلوك إلى سلوك مقابل، و كون السيرة العقلائيّة معبِّرةً بوصفها عقلائيّةً عن نكات فطريّة و سليقة نوعيّة، و هي مشتركة بين العقلاء في كلّ زمان.
و لكنّ الصحيح: عدم صحّة هذا الاستدلال، إذ لا صعوبة في تصوّر تحوّل السيرة بصورة تدريجيّة و بطيئة إلى أن تتمثّل في السلوك المقابل بعد فترة طويلة من الزمن، و ما هو صعب الافتراض التحوّل الفجائيّ العفويّ، كما أنّ السلوك العقلائيّ ليس منبثقاً دائماً عن نكات