و تبقى هناك نقطة ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار، و هي: أنّ هذه الدلالات إنّما تتحقّق في إثبات حكم للمكلّف عند افتراض وحدة الظروف المحتمل دخلها في الحكم الشرعيّ، فإنّ الفعل لَمّا كان دالًّا صامتاً و ليس له إطلاق فلا يعيّن ما هي الظروف التي لها دخل في إثبات ذلك الحكم للمعصوم، فما لم نحرز وحدة الظروف المحتمل دخلها لا يمكن أن نثبت الحكم [1].
و من هنا قد يثار اعتراض عامّ في المقام، و هو: أنّ نفس النبوة و الإمامة ظرف يميِّز المعصوم دائماً عن غيره، فكيف يمكن أن نثبت الحكم على أساس فعل المعصوم.
و الجواب على ذلك: أنّ احتمال دخل هذا الظرف في الحكم المكتشف ملغيّ بقوله تعالى: (لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)[2]، و ما يناظره من الأدلّة الشرعيّة الدالّة على جعل النبيّ و الإمام (عليهما السلام) قدوة، فإنّ فرض ذلك يقتضي إلغاء دخل النبوّة و الإمامة في سلوكهما لكي يكون قدوة لغير النبيّ و الإمام، فما لم يثبت بدليل أنّ الفعل المعيَّن من مختصّات النبيّ و الإمام [3] يبنى على عدم الاختصاص.
[1] توضيح ذلك: أنّ عدم ذكر القيد إنّما يدلّ على الإطلاق في الدليل اللفظيّ لا في الدليل اللبيّ الصّامت كالفعل و التقرير فمثلًا لو احتملنا اختصاص صلاة الجمعة بزمن حضور الإمام المعصوم دون زمان الغيبة لم يمكن نفي ذلك تمسّكاً بفعل المعصومين (عليهم السلام) او تقريرهم مع سكوتهم عن هذا القيد، و لهذا يقال دائماً: إنّ الأدلّة اللبيّة لا إطلاق فيها. وعليه فما لم نحرز توفّر كلّ الظروف و القيود المحتمل دخلها في الحكم لا يمكن إثبات الحكم بفعل الإمام (عليه السلام).