و على هذا الأساس اختلف الأعلام في أنّ التقابل بين الإطلاق و التقييد الثبوتيّين من أيّ واحد من هذه الأنحاء. و من الواضح على ضوء ما ذكرناه أنّه ليس تضادّاً، لأنّ الإطلاق الثبوتيّ ليس أمراً وجوديّاً، بل هو عدم لحاظ القيد [1] و من هنا قيل تارةً: بأنّه من قبيل تقابل البصر و عدمه، فالتقييد بمثابة البصر و الإطلاق بمثابة عدمه. و قيل اخرى: إنّه من قبيل التقابل بين البصر و العمى، فالتقييد بمثابة البصر و الإطلاق بمثابة العمى.
و أمّا التقابل بين الإطلاق و التقييد الإثباتيّين فهو من قبيل تقابل البصر و العمى بدون شكٍّ، بمعنى أنّ الإطلاق الإثباتيّ الكاشف عن الإطلاق الثبوتيّ هو عدم ذكر القيد في حالة يتيسَّر للمتكلّم فيها ذكر القيد، و إلّا لم يكن سكوته عن التقييد كاشفاً عن الإطلاق الثبوتي.
الحالات المختلفة لاسم الجنس:
ممّا ذكرناه يتّضح أنّ أسماء الأجناس لا تدلّ على الإطلاق بالوضع، بل بالظهور الحاليّ و قرينة الحكمة.
و لاسم الجنس ثلاث حالات:
الاولى: أن يكون معرّفاً باللام من قبيل كلمة (البيع) في (أَحَلَّ الله الْبَيْعَ).
الثانية: أن يكون منكّراً، أي منوَّناً بتنوين التنكير [2] من قبيل
[1] خلافاً لمن قال بأنّ الإطلاق هو لحاظ عدم القيد لا عدم لحاظ القيد، فإنّ الإطلاق بناءً على هذا يصبح أمراً وجودياً، فيكون التقابل بينه و بين التقييد تقابل التّضاد.
[2] المقصود بتنوين التنكير هنا هو التنوين الدالّ على معنى الوحدة كما في المثال المذكور، و هو يختلف عن المعنى المصطلح عند علماء العربيّة.