اسم الکتاب : تحفة الأزهار و زلال الأنهار في نسب أبناء الأئمة الأطهار المؤلف : الحسيني المدني، ضامن بن شدقم الجزء : 1 صفحة : 119
فبلغ ذلك معاوية بن أبي سفيان، فدس إليه رجلا من حمير إلى الكوفة، و رجلا من بني القين [1] إلى البصرة ليفسدا [2] الأمور على الحسن (عليه السّلام) و يكتبا [3] له الأخبار، فعلم الحسن بذلك فأمر باستحضار الحميري و ضرب عنقه، و كذا القيني [4] أخرج من عند بني سليم و ضرب عنقه.
ثمّ كتب إلى معاوية: أما بعد فإنّك دسست إلينا الرجال، كأنّك تحب اللقاء و ما أوشك ذلك فتوقعه أن شاء اللّه تعالى، و بلغني أنك شمت بما لا يشمت به ذووا الحجى، و إنّما مثلك لذلك كما قال الأوّل:
فقل للذى يبغي خلاف الذي مضى* * * تجهز لأخرى مثلها فكان قد
فإنا و من قد مات منّا لكالذي* * * يروح فيمسي في المبيت لتغتدي [5]
فأجابه معاوية [عن كتابه بما لا حاجة بنا إلى ذكره، و كان بين الحسن (عليه السّلام) و بينه بعد ذلك مكاتبات و مراسلات و احتجاجات للحسن (عليه السّلام) في استحقاقه الأمر، و توثب من تقدم على أبيه (عليهما السّلام) و ابتزازه سلطان ابن عمه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و تحققهم به دونه أشياء يطول ذكرها] [6].
ثمّ أن معاوية تجهز و سار نحو العراق، فلما بلغ جسر منبج بعث الحسن (عليه السّلام) حجر بن عدي، و أمر العمال بالمسير فاستنفروا الناس للجهاد، و تثاقلوا عن المسير معه، ثمّ حفوا به و هم على اقسام، فمنهم محكّمة مؤثرون قتال معاوية و منهم مفتن و طامع في الغنائم، و منهم شكاك، و منهم من ساقته العصبية و الحمية متبعين رؤسائهم، و الناصح منهم قليل. فسار بهم (عليه السّلام) حتّى أتى حمام عمر ثمّ عرج على دير كعب، و نزل ساباط دون القنطرة و بات به، و في صبح ليلته امتحن اصحابه ليستبين الطائع و يستبين المنافق ليكون على بصيرة في لقائه لاعدائه، فنادى بالصلاة جامعة، فاجتمعوا، ثمّ صعد المنبر و قال: