بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا يعجز عن وصفه الحامدون، و أشكره شكرا يعجز عن عدّه العادّون، و الصلاة و السلام على أشرف بريته من الأولين و الآخرين محمد و آله الطيبين الطاهرين، و على صحبه المنتجبين.
عندما تصدّت الحكومة العثمانية عام 1869 ميلادية لوضع كتاب فقهي جامع سهل المنال، يختار فيه صحيح الأقوال، و يعتمد عليه كأساس لتطبيق الأحكام الشرعية في المحاكم المدنية، أناطت هذه المهمة إلى عدد من الفقهاء و المفكّرين آنذاك، فأثمرت جهودهم عن تأليف كتاب تحت عنوان: «المجلة» و الذي اشتهر فيما بعد بـ: «مجلة الأحكام العدلية» الكتاب الذي يمثّل تقنين أحكام الشريعة الإسلامية على شكل مواد قانونية.
و بعد أن أقرّت الدولة ذلك عام 1876، جرى تطبيقه في جميع المحاكم المدنية في البلدان التابعة للحكم العثماني كافة، كما اعتمد تدريسه في معاهد الحقوق فيما بعد. و لمّا كان المذهب الحنفي هو المذهب المعتمد الرسمي في الدولة آنذاك فقد غلب عليه طابع المذهب، لذا اهتم الكثير من علماء المذاهب الإسلامية لشرح غوامضه و التعليق عليه حتى بلغت الأربعة عشر شرحا، إلاّ أنّهم كان يعوزهم الاطلاع الواسع على فقه مدرسة أهل البيت عليهم السلام، و هذا أمر كان لا بدّ لمن يسير على هدى النبوة و خطى الأئمة أن يتصدّى لهذه المهمة، حتى