و ثانيا بيان الفارق بين مسئلة الحجية و ما نحن فيه، فان الحجية من قبيل الاحكام اللاحقة للشىء باعتبار اللحاظ الذهنى، و ما نحن فيه تكليف خارجى صادر من المولى باعث على ايجاد متعلقه خارجا، و قد عرفت ان الذهن اوسع ساحة من الخارج فيجوز فى الملحوظ الذهنى ان يعرى عن الخصوصيات المشخصة له، بخلافه فى الموجود الخارجى فإن عرائه عن الخصوصيات و المشخصات الخارجية مستحيل بالضرورة.
فتلخص من جميع ما ذكرناه ان الاقوال المذكورة فى الواجب التخييرى كلها على غير المنهج الصواب، الا ما سمعته منافى سابق الكلام من ان مآل الوجوب التخييرى الى التكليف الناقص.
«الترتب فيما اذا كان الامران مضيقين»
و لنعد الى مفروض البحث و مورد النزاع فنقول: مستعينا بالله بالله تعالى توضيحا لما قدمناه و تشييدا لما بيناه لا بأس بتعلق تكليفين ناقضين بضدين اللذين لهما ثالث نحو القيام و القعود لجواز الخلو عنهما بالتلبس بالنوم، فانه يجوز الامر بهما بالنحو الذى عرفته من التعليق على عدم الآخر، فيراد القيام اذا لم يتشاغل بالقعود و كذلك القعود انما يراد فى ظرف عدم التشاغل بالقيام، و لا نجد فى العقل ما يمنع عن ذلك الا ما يتخيل من امتناع التكليف بالضدين، و هو خيال فاسد جدا، لان المحذور فى التكليف بالضدين ليس إلّا عدم مطلوبية الجمع بينهما فى مقام الامتثال و لا يلزم ذلك فيما اذا كان التكليف تكليفا ناقصا قد علق مطلوبية كل منهما على فرض عدم اتيان الآخر، او يتخيل ان التكليف بالضدين مآله الى الامر بالشىء و النهى عنه و