ثم أن العلم لا حقيقة له وراء المسائل و القواعد، لا إدراكها، و يرشدك الى ذلك مقايسة الغاية الى نفس القواعد، لا ادراكاتها، مثلا صحة الكلام أعرابا و بناء، جعل غاية لعلم النحو باعتبار مقايسة الكلام الى قواعده، فان طابقها كان صحيحا، و إلّا كان غلطا.
و كذا صحة الاستنباط غاية العلم الاصول، و انما تعرف الصحة و عدمها بمقايسة الاستنباط الى قواعد الاصول، فإن كان على وفقها كان استنباط الحكم صحيحا، و ان لم يكن كذلك لم يكن صحيحا.
فالملحوظ مقيسا اليه و معيارا لملاحظة الغاية، منسوبة اليه، هى القواعد لا ادراكها و كذا الموضوع أعتبر موضوعا كليا منطبقا على جميع موضوعات مسائله و قواعده، لا موضوعات إدراكاتها فليكن التعريف على هذا النهج شارحا لتلك القواعد، فكان المناسب تعريفه بالقواعد دون العلم بها. و بالجملة أن نسبة الموضوع، و الغاية، و التعريف المذكور، فى كلما تهم فى مقدمة الشروع، نسبة واحدة.
فكما أن المقصود من العلم فى قولهم، موضوع هو القواعد دون إدراكها و العلم المتعلق بها، فليكن ذلك كذلك فى قولهم تعريف العلم. فكان ينبغى على هذا التعريف بالقواعد، لا العلم بها. و ربما يؤيد ذلك أنه قد يجعل العلم، متعلقا للعلم و الجهل، فيقال هذا عالم بالنحو، و هذا جاهل به، و هكذا غير ذلك.
و قد يعتذر للمشهور، و يوجه تعريفهم: علم الاصول «بانه العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية.» فيقال: بأن للقواعد