فى الاحكام التعليقية على هذا الوجود بل يتم بدونه ايضا لان حقيقة الاحكام كما قلنا عبارة عن الارادة او الاشتياق الذى يكون موجودا فى كل حال حتى فى حال عدم وجود المشتاق اليه فافهم.
و لو نتنزل عما قلنا و نأخذ بمسلك المشهور القائلين بان الاحكام عبارة عن المجعولات الشرعية فنقول ان جعل الحكم ايضا موافق لمنشئه و هو الارادة بل لا يكون الجعل العقلائى إلّا بمعنى ابراز الارادة و حيث ان الارادة اى الاشتياق فعلية حتى مع فرض فعلية الموضوع و قيوده كما اشرنا اليه فيكون الجعل الموافق معها ايضا فعليا حتى مع فرض فعلية الموضوع و قيوده و توهم ان مصلحة الجعل تفترق عن مصلحة الارادة الباعثة له بانه مقتضى لفعلية الموضوع و قيوده فى الخارج دونها مدفوع بانه لا يكون له دليل و لا شاهد اصلا بل يشهدا و يدل على خلافه قاعدة تبعية الاحكام للمصالح و المفاسد الواقعية الحاكية عن موافقة الجعل مع ارادة المولى الحكيم ظاهرا و لذا يصح على هذا المسلك ايضا ان يستصحب الحكم حتى مع فرض فعلية الموضوع و قيوده.
اضف الى هذا ان تخصيص الاستصحاب بما اذا كان للموضوع و قيوده وجودا فعليا فى الخارج انما يتم لو تم فى القضايا الشخصية و اما القضايا الكلية التى تكون هى المورد للبحث و المركز للاجتهاد فلا تكون لموضوعاتها و قيودها وجود فعلى فى الخارج غالبا بل يكون من سنخ الامور الفرضية التى لا تكون متوقفة على الوجود الخارجى و حيث ان كل فقيه يجوز الاستصحاب فى كل حكم كلى يشك فى بقائه من جهة الشك فى بقاء موضوعه كاستصحاب بقاء نجاسة الخمر عند الشك فى بقاء موضوع خمريته فكك لا بد من ان يجوزه فى كل حكم كلى يشك فى بقائه من جهة الشك فى قيد من قيوده مع القطع ببقاء جرم موضوعه كاستصحاب بقاء نجاسة العصير المغلى اذ اتخذ من الزبيب المتحد مع العنب ذاتا و المختلف معه صورتا اذ لا يتصور فرق جوهرى بين الفرضين