و لا أريد أن أبحث في كتابي هذا عن المرأة و تاريخها قبل الإسلام و بعده، و لكن الذي أريده أن الإسلام منذ فجره الأول قد ساوى بينها و بين الرجل في كثير من الحقوق و الواجبات و حفظ لها حقها و كرامتها و صان لها عفافها و شرفها كي لا تكون فريسة للرجل لا ينظر إليها إلا من الناحية الجنسية و الشهوات الجامحة، أردت أن أشير الى هذه الناحية بصورة مجملة في خلال حديثي عن آيات التشريع التي تناولت نظام البيت و الأسرة، و كنت قد كتبت فصولا من كتاب اسميته (حقوق المرأة في الإسلام) قارنت فيها بين نظر الإسلام إلى المرأة و نظر غيره من الشعوب التي تصف نفسها بالتمدن، و أثبت فيها أن الإسلام وحده هو الذي أخذ بيدها الى مصاف الرجال في جميع الميادين و فضلها على الرجل أحيانا، بينما هي بنظر الغربيين و البعيدين عن الإسلام في العصور المتأخرة عن عصر التشريع الإسلامي أسوأ حالا منها بنظر العرب قبل الإسلام، ففي العصور المتأخرة قد استبد بها الرجل، و بالغ في احتقارها، و كان يتصرف بها كما يتصرف في بقية أملاكه، و ذكر عالم فرنسي كبير أن مجمعا علميا في فرنسا بحث أن المرأة لها نفس كالرجل أم لا، و لم يستطع أن يتوصل في ابحاثه الى نتيجة إيجابية إلا بالنسبة إلى السيدة مريم والدة المسيح [2]. قال الأستاذ قاسم أمين [3]:
«و ترتب على دخول المرأة في العائلة حرمانها من استقلالها، لذلك كان
[1] لقد اعتمدنا في هذا الفصل و ما بعده من النواحي المتعلقة بالإرث و الطلاق و تعدد الزوجات على كتاب المرأة في الإسلام للأستاذ احمد كمال عون.