responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي    الجزء : 20  صفحة : 408

بحَرْفِ الاسْتِدْراكِ داخلاً على فِعْلِ الشَّرْطِ مَنْفيّاً أَو معْنًى، فهي بمنْزِلَةِ وَ مََا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لََكِنَّ اَللََّهَ رَمى‌ََ ، فإذا كانت دَالَّةً على الامْتِناع و يصحُّ تعقيبُها بحَرْفِ الاسْتِدْراكِ دلَّ على أنَّ ذلكَ عامٌّ في جميعِ مَوارِدِها و إلاَّ يلزمُ الاشْتِراكُ و عَدَمُ صحَّةِ تعقيبها بالاسْتِدراكِ، و ذلكَ ظاهِرُ كلامُ سيبويه.

قال السَّبْكي: و ما أَوْرَدُوه نَقْضاً و أنَّه يلزمُ نَفَاد الكَلماتِ عنْدَ انْتِفاءِ كَوْنَ ما في الأرضِ مِن شَجَرةِ أَقْلام و هو الواقِعُ فيَلْزمُ النَّفادُ و هو مُسْتَحيلٌ، فالجَوابُ: أنَّ النَّافدَ، إنَّما يلزمُ انْتِفاؤُه لو كانَ المقدَّمُ ممَّا لا يَتَصوَّرُ العَقْل أنَّه مُقْتَضٍ للانْتِفاءِ، أَمَّا إذا كانَ ممَّا قد يَتَصوَّرُه العَقْل مُقْتَضياً فإن لا يَلْزم عنْدَ انْتِفائِه أَوْلى و أَحْرى، و هذا لأنَّ الحُكْمَ إذا كانَ لا يُوجَدُ مع وُجُودِ المُقْتَضى فأَنْ لا يُوجَدُ عنْد انْتِفائِه أَوْلى؛ فمعْنَى لو في الآيةِ أَنَّه لو وُجِدَ الحُكْمُ المُقْتَضى لمَا وُجِد الحُكْم لكن لم يُوجَدْ فكيفَ يُوجَدُ و ليسَ المَعْنى لكن لم يُوجَد، فوُجِدَ لامْتِناعِ وُجُودِ الحُكْم بِلا مُقْتَضٍ. فالحاصلُ أنَّ ثَمَّ أَمْرَيْن: أَحَدُهما امْتِناعُ الحُكْم لامْتِناع المُقْتَضى و هو مُقَرَّرٌ في بدائِه العُقولِ؛ و ثانيهما: وُجُودُه عنْدَ وُجُودِه و هو الذي أَتَتْ لو للتَّنْبيهِ على انْتِفائِه مُبالَغَة في الامْتِناعِ، فلولا تَمَكّنها في الدَّلالةِ على الامْتِناع مُطْلقاً لمَا أُتِيَ بها، فمَنْ زَعَمَ أنَّها، و الحالَةُ هذهِ لا تدلُّ عليه فقد عَكَسَ ما يَقْصدُه العَرَبُ بها، فإنَّها إنَّما نَأْتي بِلَوْهُنا للمُبالَغَةِ في الدَّلالةِ على الانْتِفاءِ لمَا للومِنَ التَّمَكُّنِ في الامْتِناعِ انتَهَى.

ثم إنَّ المصنِّفَ قالَ: إنَّها تَرِدُ على خَمْسةِ أَوْجُهٍ فذَكَرَ منها وَجْهاً واحداً و لم يَذْكُر البَقِيَّة، و هي:

وُرُودُها للتَّمني: كقولك: لو تَأْتيني فَتُحدِّثني. قال اللّيْثُ: فهذا قد يُكْتَفى به عن الجَوابِ؛ و منه قوله تعالى: فَلَوْ أَنَّ لَنََا كَرَّةً [1] ، أَي فلَيْتَ لنا، و لهذا نَصَبَ، فيكونُ في جوابِها كما انْتَصَبَ فأَفُوزَ في جَوابِ كُنْت في قوله تعالى: يََا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ [2] . *و تأْتي للعَرْضِ: كقوله لو تَنْزِل عنْدَنا فتَصيبَ خَيْراً و للتَّقْليلِ: ذَكَرَه بعضُ النّحاةِ و كَثُرَ اسْتِعْمالُ الفُقهاء له، و شاهِدُه قوله تعالى: وَ لَوْ عَلى‌ََ أَنْفُسِكُمْ [3] ، و 16- الحديث «أَوْلِمْ و لو بشَاةٍ» . و 16- «اتَّقُوا النارَ و لو بشقِّ تَمْرةٍ» . ؛ و 16- «التَمْس و لو خاتماً مِن حدِيدٍ» . ؛ و 16- تَصدَّقُوا و لو بظلْفِ محرقٍ» .

و تأْتي للجَحْدِ، نقلَهُ الفرَّاء و لم يَذْكُر له مِثالاً. فهذه أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ مع ما ذَكَرَه المصنِّفُ فصارَتْ خَمْسة.

*مهمة و فيها فوائد*

*الأُولى:

قالَ الجَوْهرِي: إن جَعَلْتَ لو اسْماً شَدّدْته فقلْتَ: قد أَكْثَرت مِن اللّوِّ، لأنَّ حُرُوفَ المَعانِي و الأَسْماء النَّاقصةَ إذا صُيِّرَتْ أَسْماءً تامَّةً بإدْخالِ الألفِ و اللامِ عليها أَو بإعْرابِها شُدِّدَ ما هو منها على حَرْفَيْن، لأنَّهُ يُزادُ في آخره حَرْفٌ مِن جنْسِه فيُدْغَمُ و يُصْرَفُ إلاَّ الألِف فإنَّك تَزيدُ عليها مِثْلها فتمدُّها لأنَّها تَنْقَلِبُ عنْدَ التّحْريكِ لاجْتِماعِ السَّاكِنَيْن هَمْزةً فتقولُ في لا كَتَبْت لاءً جَيِّدَةً، قال أَبو زبيدٍ:

لَيْتَ شِعْرِي و أَيْنَ مِنِّيَ لَيْتَ؟ # إنَّ لَيْتاً و إنَّ لَوّاً عَناءُ [4]

انتهى. و مِثْلُه قولُ الفرَّاء فيمَا رَوَى عنه سَلْمةُ؛ و أَنْشَدَ:

عَلِقَتْ لَوًّا مُكَرَّرَة # إنَّ لَوًّا ذاكَ أَعْيانا [5]

و أَنْشَدَ غيرُهُ:

و قِدْماً أَهْلَكَتْ لَوٌّ كَثِيراً # و قَبْلَ القَوْمِ‌ [6] عالَجَها قُدارُ

و أَمَّا الخَليل فيَهْمز هذا النَّحْو إذا سُمِّي به كما يُهْمَزُ النَّؤُورُ.


[1] سورة الشعراء، الآية 102.

[2] سورة النساء، الآية 72.

[3] سورة النساء، الآية 135.

[4] شعراء إسلاميون، شعر أبي زبيد ص 578 و انظر تخريجه فيه، و اللسان و الصحاح.

[5] اللسان و التهذيب و فيهما «تكرره» بدل «مكررة» .

[6] في اللسان: اليوم.

اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي    الجزء : 20  صفحة : 408
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست