و قَالَ غَيْرُه: بَخَعَها بَخْعاً و بُخُوعاً : قَتَلَهَا غَيْظاً أَوْ غَمًّا.
و بَخَعَ له بالحَقِّ بُخُوعاً : أَقَرَّ به و خَضَعَ له، كبَخِعَ له، بالكَسْرِ، بَخَاعَةً و بُخُوعاً . و يُقَالُ: بَخَعْتُ له، أَي تَذَلَّلْتُ و أَطَعْتُ و أَقْرَرْتُ.
و قالَ الكِسَائِيّ: بَخَعَ الرَّكَّيةَ يَبْخَعُهَا بَخْعاً ، إِذا حَفَرَهَا حَتَّى ظَهَرَ ماؤُهَا. و منه 17- حَدِيثُ عائِشَةَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ عُمَرَ رَضِيَ اللََّه عَنْهُمَا فقالَتْ: « بَخَعَ الأَرْضَ، فقَاءَتْ أُكُلَها» . أَيْ قَهَرَ أَهْلَها و أَذَلَّهُمْ، و اسْتَخْرَجَ ما فِيهَا من الكُنُوزِ و أَمْوَالِ المُلُوكِ.
و من المَجَازِ: بَخَعَ له نُصْحَهُ بَخْعاً ، إِذا أَخْلَصَهُ و بَالَغَ. و قالَ الأَخْفَشُ: يُقَالُ: بَخَعْتُ لكل نَفْسِي و نُصْحِي، أَيْ جَهَدْتُهُما، أَبْخَعُ بُخُوعاً ، و مِثْلُهُ في الأَسَاسِ. و منه 16- حديثُ عُقْبَةَ بن عامِر رَضِيَ اللََّه عنه-رَفَعَهُ- : «أَتَاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ، هم أَرَقُّ قُلوباً، و أَلْيَنُ أَفْئِدَةً، و أَبْخَعُ طاعَةً» . أَيْ أَنْصَحُ و أَبْلَغُ في الطَّاعَةِ من غَيرهِم، كأَنَّهُمْ بَالَغُوا في بَخْع أَنْفُسِهِم، أَي قَهْرِهَا و إِذْلالِها بالطَّاعَة.
و في الأَسَاسِ: بَخَعَ ، أَيْ أَقَرَّ إِقْرَارَ مُذْعِنٍ [3] يُبَالِغُ جَهْدَهُ في الإِذْعَانِ، و هو مَجَازٌ.
و من المَجَازِ أَيْضاً: بَخَعَ الأَرْضَ بالزِّراعَةِ بَخْعاً ، إِذا نَهَكَهَا و تَابَعَ حِرَاثَتَها، و لَمْ يُجِمَّهَا عَاماً، أَيْ لَمْ يُرِحْهَا سَنَةً، كما في الدُّرِّ النَّثِيرِ للجَلالِ. و يُقَالُ: بَخَعَ فُلاناً خَبَرَهُ: إِذا صَدَقَهُ.و بَخَعَ بالشَّاةِ، إِذا بالَغَ في ذَبْحِهَا، كَذَا في العُبابِ.
و قَالَ الزَّمَخْشَريُّ: بَخَعَ الذَّبيحَةَ، إِذا بالَغَ في ذَبْحِها، كذا هو نَصُّ الفائقِ له.
و في الأَسَاسِ: بَخَعَ الشاةَ: بَلَغَ بذَبْحِهَا القَفَا، و قولُهُ:
قالَ الزَّمَخْشَرِيّ: هََذا أَصْلُهُ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ في كُلّ مُبَالَغَةٍ. و قولُه تَعالَى: فَلَعَلَّكَ بََاخِعٌ نَفْسَكَ عَلىََ آثََارِهِمْ[5]أَي مُخْرِجٌ نَفْسَكَ و قَاتِلُهَا. قالَهُ الفَرّاء. و في العُبَابِ: أَيْ مُهْلِكُهَا مُبَالِغاً فِيهَا حِرْصاً على إِسْلامِهِم، زادَ في البَصَائِرِ:
و فيه حَثٌ عَلَى تَرْكِ التَّأَسُّفِ، نَحْو قَوْلِهِ تَعالَى: فَلاََ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرََاتٍ[6] .
و البِخَاعُ ، ككِتَابٍ: عِرْقٌ في الصُّلْبِ مسْتَبْطِنُ القَفَا، كما في الكَشّافِ، و قالَ البَيْضَاوِيّ: هو عِرْقٌ مُسْتَبْطِنُ الفَقَارِ «بتَقْدِيمِ الفاءِ على القافِ و زِيادَةِ الرّاءِ» و قَالَ قَوْمٌ: هُوَ تَحْرِيفٌ، و الصَّوَاب القَفا كَما في الكَشّاف. و قَوْلُه: يَجْرِي في عَظْمِ الرَّقَبَةِ. هََكَذَا. في سائِرِ النُّسَنِ و هو غَلَطٌ، فإِنَّ نَصَّ الفائقِ-بَعْدَ ما ذَكَرَ البِخَاعَ بالبَاءِ، قالَ-: و هو العِرْقُ الَّذِيَ في الصُّلْبِ، و هُوَ غَيْرُ النُّخَاعِ بالنُّونِ و هُوَ الخَيْطُ الأَبْيَضُ الَّذِي يَجْرِي في الرَّقَبَةِ، و هََكَذَا نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ أَيْضاً و صَاحِبُ اللِّسَان و ابنُ الأَثِيرِ، و مِثْلُه في «شَرْحِ السَّعْدِ على المِفْتَاحِ» و نَصُّهُ: «و أَمّا بالنُّونِ فخَيْطٌ أَبْيَضُ في جَوْفِ عَظْمِ الرَّقَبَةِ يَمْتَدُّ إِلَى الصُّلْبِ» و قَوْلُه فِيمَا زَعَمَ الزَّمَخْشَرِيّ، أَي في فائقِهِ و كَشّافِهِ، و قَدْ تَبِعَهُ المُطَرِّزِيّ في «المُغْرِبِ» . و قال ابنُ الأَثِيرِ في النِّهَايَة: و لَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِه.
قالَ: و طَالَما بَحَثْتُ عَنْهُ في كُتُبِ اللُّغَةِ و الطِّبِّ و التَّشْرِيحِ فَلَمْ أَجِد البِخَاعَ بالبَاءِ مَذْكُوراً في شَيْءٍ مِنْهَا. و لِذا قالَ الكواشيّ في تَفْسِيرِه: البِخَاعُ ، بالبَاءِ لَمْ يُوجَدْ و إِنَّمَا هو بالنُّونِ. قال شَيْخُنَا: و قد تَعَقَّبَ ابنَ الأَثِيرِ قَومٌ بأَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ ثِقَةٌ ثابِتٌ وَاسِعٌ الاطِّلاعِ، فهو مُقَدَّمٌ.
[1] بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: كما في نسخة أخرى الذي في نسخة المتن التي بأيدينا: بجعه: قطعه بالسيف: كخذعه. بخذعه:
قطعه بالسيف، كخذعيه» و بهامش القاموس: قوله: بجعه، هذه المادة ساقطة من أكثر النسخ و لم يشرح عليها الشارح ا هـ مصححه.