و لا يخفى عليك: أنّ مراد المفصل (بين السبب و غيره) من السبب:
الفعل المباشري الذي هو تحريك العضلات كتحريك اليد، و من المسبب:
الفعل الذي يوجد بعين تحريك العضلات من غير توسط إرادة اخرى بينه و بين الفعل كحركة المفتاح المسبب من تحريك اليد و كذا انفتاح الباب، فالفعل الحاصل من السبب من غير توسط إرادة بينه و بين حصول ذلك الفعل هو المسبب كتحريك المفتاح و انفتاح الباب. إذا عرفت ذلك فاعلم: أنّ الوجه الذي توهم للقول بالتفصيل هو عدم قدرة المكلف على المسبب في الأفعال التوليدية و أنّ الأمر فيها يتعلق بالسبب.
و قد ظهر فساد هذا التوهم ممّا ذكرناه سابقا عند البحث في أنّ الأوامر المتعلقة بالمسببات ظاهرا هل هي متعلقة بها حقيقة أو لا؟ و قلنا بإمكان تعلقها بالمسببات أيضا حقيقة، لأنّ المقدور بالواسطة مقدور.
مضافا إلى أنّه و لو كان لكل من تحريك اليد و تحريك المفتاح و انفتاح الباب وجودا مستقلا و إيجادا كذلك لاتحاد الوجود و الإيجاد من جهة أنّ الفرق بينهما ليس إلّا أنّ ما وجد إذا نسب إلى الفاعل نسمّيه بالإيجاد و بالنسبة إلى نفسه يسمّى بالوجود، و لكن من جهة ملاحظة حصول هذه الثلاثة من فاعل واحد و عدم توسيط إرادة اخرى بين تحريك اليد
للسبكي 1: 110. و نسبه العضدي إلى ابن الحاجب، و اختاره أيضا في شرح المختصر: 91.