و على كل حال، فمقتضى التحقيق حسبما يؤدي إليه النظر الدقيق أن يقال: إنّ الكلام تارة يقع في إجزاء الإتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري فيما يكون دليل الحكم أصلا من الأصول. و اخرى في إجزائه فيما يكون الدليل الدال عليه أمارة من الأمارات. و لنقدم الكلام فيما يستفاد من الجمع بين دليل الحكم الظاهري- أصلا كان أو أمارة- و دليل الحكم الواقعي بحسب مقام الإثبات، و ذلك ينعقد في مقامين:
المقام الأوّل: إجزاء الإتيان بمقتضى الأصول الشرعية
إذا كان دليل الحكم أصلا من الأصول، كأصالة الطهارة و أصالة الحلية و قاعدة البناء على إتيان ما شك في إتيانه بعد الدخول في الجزء المترتب عليه، أي قاعدة التجاوز أو الفراغ [1]، نلاحظ مفاد كل واحد من أدلة هذه الاصول مثل «كل شيء طاهر ...» [2] أو «كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال ...» [3] و نرى دلالة الأوّل على الحكم بطهارة
[1]. من أدلتها صحيحة حماد في التهذيب 2: 151/ 51، ب 9 تفصيل ما تقدم ذكره ...؛ الاستبصار 1: 358/ 5؛ وسائل الشيعة، أبواب الركوع، ب 13، ح 1.
و موثقة عبد الرحمن البجلي في التهذيب 2: 151/ 54، ب 9 تفصيل ما تقدم ذكره ...؛ الاستبصار 1: 358/ 8؛ وسائل الشيعة، أبواب الركوع، ب 13، 6، راجع أيضا ح 3 و 4 و 5 و 7، و أبواب الخلل الواقع في الصلاة، ب 23.
[3]. الكافي 5: 313/ 39، باب النوادر من كتاب المعيشة، مع اختلاف يسير؛ وسائل الشيعة، أبواب ما يكتسب به، ب 4، ح 1. و قوله (عليه السلام): «كل شيء هو لك حلال ...» نفس المصدر، ح 4.