الصيغ التي بها يتحقق الطلب بحيث يصح بعد التكلم أن يقال:
«طلب المتكلم» و إن كانت متفقة في أصل تحقق الطلب بها لكن يمكن القول بالفرق بينها. ففرق بين قول المولى لعبده: أطلب منك إكرام العلماء أو آمرك بإكرامهم، و بين قوله أكرم العلماء؛ فإنّ مفهوم الطلب في الأوّل يكون متصورا عنده و يتوجه إليه المتكلم عند التكلم، و هذا بخلافه في الثاني فإنّه ليس للآمر توجه إلّا إلى المطلوب و هو إكرام العلماء فكأنّه لم يكن الطلب متصورا عنده حين إلقاء اللفظ.
و من هذه الجهة ذهب بعض أساتذتنا إلى أنّ صيغة افعل و ما في معناها موضوعة لمجرد انتساب الفعل. و لكنه لا يخفى ما فيه؛ لأنّا نرى أنّ المتكلم إذا قال: اضرب أو أنصر، يقال في العرف: طلب الضرب أو النصر.
هذا، و يمكن أن يقال: إنّ الإنسان تارة: يتوجه إلى الشيء توجه من يطلبه، و اخرى: توجه من يتصوره، و ثالثة: توجه من يصدقه، و لا بد أن يكون لفظ اضرب مثلا مستعملا و موضوعا للضرب الذي توجه إليه المتكلم توجه من يطلبه، إذ لا يمكن أن يكون موضوعا لتصور أو تصديق نسبة الضرب إلى المخاطب، لأنّهما أجنبيان عن مفاد هذه الصيغ الإنشائية، فتدبر.