responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر    الجزء : 4  صفحة : 76

و بهذا، التنبؤ بتصرفه. يكون مشكلا، فلعلّه يميل الآن روحيا إلى أن يقف و لا يهرب، و يتلقّى الحجر في جبهته، فهذا محتمل في الإنسان دونه في الحيوان.

ثانيا: باعتبار وجود العقل عند الإنسان، فهو يتحكّم في هذه الغرائز و الميول، و ينظر إلى المصالح و المفاسد، و بهذا تكون دائرة التصرفات البديلة، الممكن صدورها من الإنسان، أوسع منها عند الحيوان، فينتزع عن الإنسان عنوان الاختيار، فالاختيار عنوان، ينتزعه العقل، من سعة منطقة الفراغ، و دائرة الفرصة التي تعطيها الطبيعة للكائن، فالطبيعة إن لم تعط للكائن أيّ فرصة، و إنما عيّنت له خطا مرسوما من البداية إلى النهاية، فهذا قسر محض، و إن أعطته فرصة، بحيث أصبح من المشكل، معرفة ما يصدر منه بعد ذلك، فهذا هو الاختيار.

و هذا الكلام، و أن صدر من جملة من الفلاسفة، و لكن لا محصّل له، لأن مرجعه إلى أن الاختيار، أمر وهمي غير حقيقي، و توضيحه، أن قولهم أن الفرصة المتاحة للحيوان، أكبر من الفرصة المتاحة للحجر، و الفرصة المتاحة للإنسان، أكبر من الفرصة المتاحة للحيوان، إنما هو التفات إلى نظر الملاحظ، الذي لم يستوعب تمام الخصوصيات و النكات، فإنّ هذا الملاحظ، لا يستطيع أن يتنبأ بخط سير الهرة، يمينا أو شمالا، و لا بخط سير الإنسان هروبا أو وقوفا، و أمّا الملاحظ المطّلع على الخصوصيات و النكات الدخيلة في تصرف الإنسان، أو في تصرف الحيوان، سوف يتنبأ حتما بالنتيجة، فما يحسبه العقل اختيارا، إنما هو توهّم، نتيجة الجهل بالخصوصيات، حيث أن الخصوصيات الدخيلة في تحرك الإنسان و تحرك الحيوان، خصوصيات كثيرة و غامضة، و بعضها نفساني، و بعضها خارجي، و لا يمكن استيعابها، و لهذا، العقل يتوهم أن هذا الإنسان يختار، أمّا لو استوعبت تمام الخصوصيات الدخيلة في تحركه، فيصير حاله حال الحجر، فكما أن الحجر يتنبأ بالدقة في خط سيره، فكذلك يتنبّأ هنا، لو اطّلع على تمام الخصوصيات، فالقول أنّ‌

اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر    الجزء : 4  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست