responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر    الجزء : 4  صفحة : 71

يكون ناشئا عن الإرادة، بحيث تصدق عليه القضية الشرطية و هي أنه «لو أراد لفعل»، فأيضا، لا كلام في ذلك، إذا كان واضع اللغة، هكذا وضع كلمة اختيار [1]، فيكون البحث لغويا، و ليس النزاع لغويا حتى يقع البحث فيه، و إن كان منشأ تفسير الحكماء و الفلاسفة للاختيار هو الاستطراق بهذا التفسير إلى تصحيح التكليف و الحساب، بحيث أن الإنسان لا يكلّف و لا يحاسب على تحركات أمعائه، بل على تحركات أصابعه، و تعطي حركة الأصابع معنى يختلف عن حركة الأمعاء، بحيث لا يتصور الحساب و التكليف في الثانية دون الأولى، فهذا بحث واقعي.

و الكلام فيه تارة يقع على مسلك الحسن و القبح العقليين، و أخرى بناء على إنكار الحسن و القبح العقليين.

فبناء على ما هو الصحيح من التسليم بالحسن و القبح العقليين، و أن العقل يدرك حسنا و قبحا واقعيا ثابتا في نفس الأمر، فعلى هذا لا معنى لكلماتهم التي نقلناها في تخلّصهم من الشبهة المذكورة.

و ذلك لأن العقل في باب الحسن و القبح، لا يرى فرقا أصلا بين حركة الأمعاء التي تنشأ من الخوف مثلا، و بين حركة الأصابع التي تنشأ من الإرادة، فالإنسان إذا خاف تتحرك أمعاؤه لمرض فيها، كما أن الإنسان إذا اشتهى أن يأكل يحرك أصابعه، فلا فرق في نظر العقل الحاكم بالحسن و القبح بين المطلبين، من صحة العقاب في الثاني دونه في الأول، فكما أنه لا يعاقب على حركة الأمعاء لأنها تولدت بالضرورة من الخوف من السبع، كذلك لا يعاقب على حركة الأصابع لأن هذا الشخص أراد أن يأكل، و هذه الإرادة كذاك الخوف، فكما أن ذاك الخوف معلول لأمور خارجية كذلك هذه الإرادة معلولة


[1] الاختيار: لغة، الاصطفاء، و كذلك التخيّر، و هو الانتقاء أيضا، كما في لسان العرب- مادة «خير» و الآية تقول: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ، ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ قال الزجّاج: المعنى: ربك يخلق ما يشاء، و ربك يختار (و ليس لهم الخيرة) أي ليس لهم أن يختاروا على اللّه (ر ه) (اللسان). المقرّر

اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر    الجزء : 4  صفحة : 71
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست