اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 3 صفحة : 102
الأمر الأول:
أن وجود اللفظ هو وجود لماهيتين، وجود حقيقي لماهية اللفظ، و وجود تنزيلي لماهية المعنى، لأن اللفظ اعتبر وجودا للمعنى، إذن فما هو وجود تنزيلي لماهية المعنى عين ما هو وجود حقيقي لماهية اللفظ، فبين الوجودين عينيّة، و على هذا فتعدد أحدهما يساوق تعدد الآخر لا محالة، و وحدة أحدهما كذلك تساوق وحدة الآخر.
الأمر الثاني:
أن الوجود و الإيجاد شيء واحد، فتعدد الإيجاد و وحدته، يساوق تعدد الوجود و وحدته.
و إذا تم هذان الأمران نقول: أن الاستعمال هو عبارة عن إيجاد وجود تنزيلي للمعنى، فإذا أردنا استعمال اللفظ في المعنيين، إذن فهناك استعمالان، أي إيجادان تنزيليان، و بمقتضى الأمر الثاني من أن الإيجاد عين الوجود و تعدده هو تعدده، فهناك إذن وجودان تنزيليان، و بالتالي هناك وجودان حقيقيان بمقتضى الأمر الأول، حيث قلنا، أن الوجود الحقيقي للفظ هو عين الوجود التنزيلي، فإذن نحتاج إلى وجودين حقيقيين للفظ، و الحال أنه ليس هناك إلّا وجود حقيقي واحد للفظ، و على هذا يستحيل استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى.
و هذا الكلام لا محصل له، إذ لو فرضنا أن الاستعمال هو إيجاد تنزيلي و الإيجاد عين الوجود و تعدده هو تعدده، لكن ما هو معنى الإيجاد التنزيلي؟.
الإيجاد التنزيلي بحسب الحقيقة هو إيجاد التنزيل و إن نسب إلى الغير مسامحة، فالإيجاد التنزيلي للمعنى هو إيجاد تنزيل اللفظ منزلة المعنى و الإيجادان التنزيليان هما إيجادان لتنزيلين، و لا محذور في تعدد التنزيل مع وحدة المنزّل، فينزل اللفظ الواحد في عرض واحد، تارة منزلة العبد، و أخرى منزلة السيد، إذن فتعدد التنزيل لا ينافي وحدة المنزّل.
اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 3 صفحة : 102