و بعد: فقد قدّر لي أن أتشرف بحضور و كتابة البحوث العالية في الأصول في الدورة الأخيرة التي ختم بها السيد الشهيد الصدر حياته عام (1979) و من ثم توجّها بالشهادة.
و قد كان لتقريظ السيد الشهيد، و تشجيعه لي على المثابرة في كتابة هذه البحوث، و توفيق اللّه بحضورها على امتداد اثنتي عشرة سنة،- لا سيّما بعد أن رأى سماحته نموذجا منها- الفضل الأول و الأخير في نشرها، و إن حالت ظروف قاسية جدا دون إخراجها قبل هذا الوقت. و قد كان لاستشهاد سماحته الذي توّج به قمة عطاءاته المناقبية، ذروة القساوة، و قوة الصاعقة في نفسي، لما كان يمثل على الصعيدين الفكري و العملي في العالم الإسلامي أجمع.
و قد أجاد أستاذنا و رفيقنا السيد محمود الهاشمي في تقييمه المختصر لأبعاد شخصية سماحة السيد الشهيد الصدر (قده) حيث قال:
إن استيعاب أبعاد عظمة هذا العالم الرباني العامل، لا يتيسّر لأحد في مثل هذه الدراسة العاجلة لشخصيته، و لكن ذلك لا يعفينا من التعرض لأبرز معالم مدرسته العلمية و الفكرية التي أنشأها، و خرّج على أساسها جيلا من العلماء الرساليين و المثقفين الواعين و العاملين في سبيل اللّه، رغم قصر حياته الشريفة، و التي ابتلاه اللّه فيها بما ابتلى به العظماء من الصديقين و الشهداء و الصالحين.
و نحن نستعرض أهم مميزات هذه المدرسة التي ستبقى رائدة و خالدة في تاريخ العلم و الإيمان معا:
1- الشمول و الموسوعية:
لقد اشتملت مدرسة السيد الشهيد (قده) على معالجة كافة شعب المعرفة الإسلامية و الإنسانية، و لم تقتصر على الاختصاص بعلوم الشريعة الإسلامية من الفقه و الأصول فحسب. و رغم أن هذا المجال كان هو المجال الرئيس و الأوسع
اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 1 صفحة : 7