اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 1 صفحة : 64
صون اللسان عن الخطأ بالفعل، بمعنى وقوع الصيانة خارجا و توضيح ذلك: هو أن صون اللسان عن الخطأ في الخارج له علة مركبة من أجزاء متعددة مثل (إرادة الفاعل أو علم الفاعل، و القواعد النفس الأمرية)، إذن فالقواعد النفس الأمرية هي جزء العلة لوقوع الصيانة خارجا، و تخلّف الصيانة خارجا، لأنّ باقي أجزاء العلة غير موجودة.
و عليه: فإنّ للقواعد النحوية غرضا وحدانيا كليا هو صون اللسان عن الخطأ خارجا، و للقواعد تأثير ضمني فيه، فتكون علة ضمنية بحيث لو انضمّ إليها سائر الأجزاء الأخرى لترتب المعلول و وقعت الصيانة خارجا [1].
إلّا أنّ هذا التقريب لا ينفعنا في تطبيق البرهان على قاعدة: (إن الواحد لا يصدر إلّا من واحد)، و ذلك لأنه إما أن يكون المراد من صون اللسان عن الخطأ خارجا واقع الصيانة، بمعنى أن يقول (ضرب زيد) و لا يقول (ضرب زيدا). و إمّا أن يكون المراد عنوان الصيانة بحيث لم يخطئ، و أنه صان لسانه.
فإن كان الغرض هو واقع الصيانة، إذن يكون عندنا أغراض متباينة، لا غرض واحد، و ذلك لأنّ واقع الصيانة في مسألة الفاعل هو أن يقول: (ضرب زيد)، و واقع الصيانة في مسألة المفعول هو أن يقول (ضربت زيدا) و هذان غرضان متباينان.
و عليه: فلم نحصل على غرض واحد كلي يكون مصداقا للقاعدة و هي: (إنّ الواحد لا يصدر إلّا من واحد).
و إن كان الغرض عنوان الصيانة، بمعنى أن يكون غرض مسألة الفاعل (ضرب زيد) غرضا بما هو صيانة، لا بما هو (ضرب زيد)، و غرض مسألة المفعول (ضربت زيدا) غرضا بما هو صيانة لا بما هو (ضربت زيدا).
إذن يتحقق عندنا في المقام غرض واحد كلي، هذا الغرض مستند إلى القواعد النحوية، و هو الصيانة عن الخطأ.